الثورة- عبد الحميد غانم:
منذ بدء الحرب الإرهابية الظالمة على سورية، وخلال اثني عشر عاماً، انعقدت مؤتمرات أوروبية غربية تحت ستار الشعارات الإنسانية، وتحت حجج وذرائع مساعدة الشعب السوري في مواجهة التداعيات الخطيرة لتلك الحرب، وكانت النسخة الجديدة من تلك المؤتمرات، ما سمي بـ”مؤتمر بروكسل للمانحين لدعم متضرري الزلزال في سورية وتركيا”، الذي انعقد كعادة تلك المؤتمرات دون التنسيق مع الحكومة السورية الممثلة الشرعية للشعب وللبلد الذي حلت به هذه الكارثة، أو دعوتها للمشاركة في أعماله، لا بل إن القائمين على المؤتمر استبعدوا أيضاً مشاركة أبرز الفاعلين الإنسانيين الوطنيين من المنظمات غير الحكومية السورية.
إن هذا النهج لمنظمي هذا المؤتمر وغيره، لا يختلف عما سبقه من خلال سياسة التسييس المتبعة من قبل الأنظمة الغربية للعمل الإنساني والتنموي، في الوقت الذي تجلى دورهم أيضاً في مواصلتهم فرض تدابيرهم القسرية غير الشرعية وغير الإنسانية وغير الأخلاقية على الشعب السوري، بما في ذلك الذين حلت عليهم الكارثة، تلك التدابير القسرية التي حالت دون توفير أدنى مستلزمات إنقاذ ضحايا الزلزال وتأمين الدعم للمتضررين منه على النحو الأفضل، وقد أثبتت الوقائع أن الاستثناءات التي تم الترويج لها من العقوبات القسرية الأمريكية والأوروبية ليست سوى إجراءات شكلية غير فعالة وذات طابع دعائي أريد به تضليل الرأي العام العالمي.
وكل ما تم في المؤتمر وأمثاله ليست سوى أبواق فارغة للتضليل الإعلامي ولا تحمل في جعبتها الفارغة إلا غاية واحدة هي حرف المجتمع الدولي والرأي العام العالمي عن ممارساتها الإرهابية بحق الشعب السوري والمنطقة عبر الإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه بحق هذا الشعب بعد سنوات من الحرب القذرة التي شنتها ضده باستخدام كل أدوات القتل والعدوان والإرهاب العسكري والسياسي والإعلامي والاقتصادي في محاولة لإخضاعه لمخططها العدواني التقسيمي وطمس هويته وإلغاء دوره الحضاري الإنساني، لكن هيهات ثم هيهات منا الذل والاستسلام.
فلو كانت تلك الأنظمة يهمها مصلحة شعبنا ووطننا والحد الأدنى من الارتقاء بالأوضاع الإنسانية والمعيشية للمتضررين من كارثة الزلزال، فإنه يستلزم أولاً وقبل كل شيء توفر الإرادة السياسية الصادقة من قبل سلطاتها وحكامها، والرفع الفوري وغير المشروط لسياسات العقاب الجماعي المفروضة على الشعب السوري، ودعم جهود الدولة السورية ومؤسساتها الوطنية لتحقيق التعافي المبكر والانتعاش الاقتصادي، وإعادة الإعمار بما يمكن السوريين من بناء مستقبل أفضل لوطنهم.
وأن يسارعوا إلى وقف وإنهاء الاحتلال الأميركي والتواجد غير الشرعي للقوات الأمريكية على الأراضي السورية، التي تواصل سرقة ونهب آلاف براميل النفط السوري، وتهريبه إلى خارج سورية دون أن تكترث بحاجة المتضررين من الزلزال الماسة لموارد الطاقة لتشغيل مراكز الإيواء ومنظومات الإسعاف والمرافق الصحية والخدمية والنقل.
إن تلك المؤتمرات ليست إلا استمراراً للسياسات والممارسات الإرهابية بحق سورية دولة وشعباً ولا علاقة لها بالإنسانية لا من قريب أو من بعيد.