ظافر أحمد أحمد:
يا له من ربيع خاص شوّهته الولايات المتحدة عندما غزت العراق منذ عشرين عاماً وزوّرت معاني فصل الربيع ليصبح ربيع الويلات الذي بدأ وفق تاريخ نظري يمكن اعتماده أنّه في 19/3/2003، واستمر في كل التزوير الذي ارتبط بسلسلة ما عرف لاحقا بالربيع العربي..
من لا يجيد الربط بين كارثة (ربيع العراق)، و(ربيع ليبيا واليمن وسورية..) وغيرها لن ينجح بقراءة السيرة الذاتية للولايات المتحدة التي تلخصها (خرائب أوطان بتوقيع شركاء واشنطن الإرهابيين أو شتى العملاء الذي تسميهم الشركاء المحليين لها)..!
عندما قررت الولايات المتحدة الحضور مباشرة بجيشها إلى المنطقة تفوقت على كل الإمكانات الإسرائيلية في العبث بالأمن الإقليمي، بل أضاف الجيش الأميركي انطلاقا من غزو العراق فرصا كبرى للعبث بالاستقرار العالمي..
أبرز المخاطر الأميركية يتجسد بحقيقة أنّه ما من إحراج يتكفل بردع واشنطن إذا اعترفت أو لم تعترف بكذب أو تزوير أو أخطاء لها عندما تعبث بمصير البلدان، فحتى عندما أقرّت بكذبة (امتلاك العراق لأسلحة التدمير الشامل)، وغزته ودمّرته لم تخجل من كذبها، ولم تعترف أنّها استخدمت أسلحة تدمير شامل في تدمير العراق، خصوصا معركة المطار المشهورة والتي بقيت أسرارها وألغاز السلاح الأميركي الذي استخدم فيها محاطة بالكتمان..
لا شيء يردع مؤسسات القرار الأميركي عندما اكتشف الشعب الأميركي أنّ جيشه دمّر العراق (لأنّ الله أوحى لبوش بالغزو)، فكانت النتيجة على القرار الأميركي بسذاجة الندم الذي أبداه وزير خارجيتها الأسبق كولن باول الذي أقرّ بأنّه سوّق (كذبة أسلحة التدمير الشامل العراقية)، بضغط من الاستخبارات الأميركية، وحتى اللحظة ما من قدرة للشعب الأميركي للتأثير بالسياسة الأميركية بما يعادل ذرة من تأثير السي آي إي..!
خطأ الحرب الفيتنامية لم يمنع بوش من غزو العراق، وندم كولن باول لم يمنع أوباما من نشر عشرات القواعد التي تحتل الجزيرة السورية والتنف وتستبيح ثروات سورية النفطية والزراعية.. والأخطاء الأميركية لم تمنع من تسليم بايدن أفغانستان لتنظيم القاعدة، والمخطط الأميركي الغربي الذي دمّر ليبيا والعراق وأفغانستان لم يمنع واشنطن من توريط أوكرانيا كي تدمّر ذاتها كبوّابة لخلخلة أوروبا والعالم كرمى أن يندم مسؤول أميركي في يوم ما ويقول على خراب عالمي بدموع التماسيح (أخطأنا)!
ولكن بعد عشرين عاماً من غزو العراق وتفكيك جيشه ومؤسساته لتنشأ قوى إرهابية برعاية أميركية، ما هي الرسالة المناسبة لإيصالها إلى الاحتلال الأميركي وقواعده اللاشرعية..؟
العالم يتغير فقوى ومحور المقاومة أقوى، والعراق يسعى لاستعادة مكانته، وسورية في مرحلة نجاحات ما بعد تضميد الجراح، والقطب الأميركي الأوحد للسياسة الدولية يتخلخل، وأصبح بإمكان العملاق الصيني أن يبدع حلا لملف شائك في بحر خصومات السعودية وإيران، وبإمكان العملاق الروسي أن يتحدث من الساحة الأوكرانية بوجه ناتو واشنطن: قف تجاوزت حدودك.

السابق