سوريا وكرواتيا .. تعاون استثنائي تعززه تجربة الحرب بالبلدين

الثورة – فؤاد الوادي:

ما يميز التعاون بين سوريا وكرواتيا أنه ينبثق من تجربة في الحرب، خاضها البلدان لنيل حريتهما واستقلالهما، وبقدر ما كانت هذه التجربة المريرة – برغم اختلافها في كثير من عناوينها وتفاصيلها- حافزاً لكل من دمشق وزغرب لمواجهة كل التحديات التي أنتجتها ظروف وتداعيات الحرب، بقدر ما كانت دافعاً للتعاون والتقارب بينهما، بغية النهوض من تحت الركام، وطي صفحة الألم، وفتح صفحة الأمل.

فكرواتيا التي خاضت حرباً لنحو أربع سنوات لنيل حريتها واستقلالها، تدرك جيداً حجم التضحيات التي قدمها الشعب السوري لنيل حريته وكرامته، ليس هذا فحسب، بل إنها تدرك أكثر من أي دولة أخرى ضخامة وصعوبة التحديات التي تواجه الدولة السورية بعد حرب دامت نحو 14 عاماً، لذلك كانت من أولى الدول التي سارعت إلى دعم مطالب الثورة السورية، والتنديد بمجازر وجرائم نظام الأسد، وكذلك من أولى الدول التي سارعت بعد انتصار الثورة وسقوط النظام المخلوع،إلى مد جسور التعاون مع دمشق، كدولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وكامتداد لتعاون سوري كرواتي منفصل عن جسم الاتحاد.

سوريا وكرواتيا يفتحان اليوم صفحة جديدة في العلاقات الثنائية، تجسدها اجتماعات الوفد الكرواتي مع المسؤولين السوريين أمس واليوم، والتي عبر عنها وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني بالقول: “إن زيارة الوفد الكرواتي تشكل انطلاقة لفصل جديد في العلاقات بين البلدين، يقوم على أسس الاحترام المتبادل والسيادة ووحدة وسلامة الأراضي، لافتاً إلى أن سوريا لا تنسى الموقف الكرواتي منذ عام 2011، حيث عبرت زغرب بصدق عن رفضها لممارسات النظام البائد، في موقف إنساني صادق سجله التاريخ إلى جانب الشعب السوري في أشد أيامه وأصعبه”.

الشراكة مع كرواتيا، تبدو أساسية وهامة، وهي بحسب الوزير الشيباني، تحاكي المواقف الإيجابية التي اتخذتها كرواتيا لدعم رفع العقوبات بعد سقوط النظام البائد، ما أتاح للسوريين فرصة استعادة حياتهم وإطلاق عملية إعادة بناء بلدهم، حيث يرتكز جهد دمشق اليوم على بناء شراكات عميقة تحقق فوائد ملموسة لمواطنيها ولشركائها الدوليين.

المباحثات بين دمشق وزغرب ركزت على التعاون المشترك وإعادة الإعمار والتعافي، كما تناولت آفاق التعاون في عدد من القطاعات الحيوية، من بينها الطاقة والتعافي والتنمية الاقتصادية والصناعة والعدالة الانتقالية وآليات عودة اللاجئين إلى جانب التعاون الدولي، كما جرى التركيز على مجالي الاستثمار والتجارة لكونه أمراً محورياً لتعافي سوريا.

الاستفادة من تجربة التعافي الكرواتية بعد الحرب، كانت حاضرة خلال المباحثات، لاسيما اعتماد آليات إصلاحية منظمة واستثمار في البنية التحتية والتخطيط المتكيف، على اعتبار أن هذه التجربة يمكن البناء عليها في سوريا الجديدة، وهو ما أشار إليه الوزير الشيباني بشكل صريح عندما أكد أهمية الاستفادة من التجربة الكرواتية عبر اعتماد استراتيجيات متكاملة متعددة القطاعات وتبادل الخبرات على مستوى التخطيط مع المؤسسات الكرواتية.

الشيباني كذلك أشار إلى نقطة في غاية الأهمية وهي أن المعاهدات بين البلدين ستخضع لتقييم جديد بناءً على المصالح السورية والمصالح المشتركة، وأن سوريا الجديدة تمد يدها إلى الجميع وحريصة على التعاون في كل المجالات والقطاعات، وهي ماضية بثقة نحو مستقبل من السلام والاستقرار والازدهار، كما أنها مختلفة عن الصورة التي حاول النظام البائد أن يصدرها للعالم. أما وزير الخارجية والشؤون الأوروبية الكرواتي جوردان رادمان، فقد أكد تضامن بلاده الكامل مع الشعب السوري في مواجهة تداعيات الحرب، مشيراً إلى أن كرواتيا التي خاضت تجربة الحرب في التسعينيات، تدرك حجم التحديات التي تواجه سوريا في مرحلة التعافي وإعادة الإعمار.وأوضح رادمان أن زيارته تأتي استكمالاً للقاء سابق مع الجانب السوري عُقد في شباط الماضي على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن، مشدداً على دعم كرواتيا لمسار سياسي شامل وعادل يحقق الاستقرار لسوريا والمنطقة.

ورحب رادمان بالدعوات لرفع العقوبات المفروضة على سوريا، معتبراً أن ذلك يشكل فرصة لإحياء الاقتصاد السوري وتحسين الخدمات الأساسية، لافتاً إلى أن كرواتيا تدعم ضمن الاتحاد الأوروبي تقديم المساعدات السياسية والمالية اللازمة لدفع عجلة التعافي الاقتصادي وتحفيز عودة اللاجئين السوريين.

وأكد الوزير الكرواتي رغبة بلاده في إعادة تفعيل العلاقات مع سوريا، موضحاً أنه بحث مع الجانب السوري إمكانية تشكيل وفود اقتصادية مشتركة، وفتح سفارة كرواتية في دمشق، مشيراً إلى أن هذه الزيارة تشكل خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، بما فيها الاقتصاد والطاقة وإعادة الإعمار والبحث عن المفقودين في مرحلة ما بعد الحرب.

يذكر أن وزير خارجية كرواتيا سيلتقي اليوم وزير الطاقة محمد البشير لمناقشة تحديث اتفاقيات التعاون المشترك بين الجانبين في مجال النفط وسبل تفعيل الإنتاج، خاصة وأن شركة “إينا” الكرواتية، وبحسب الوزير الكرواتي، لا تزال تحتفظ بحضورها في سوريا من خلال استثماراتها في حقلي “حيان فلوقين” و”أفاميا”، ضمن اتفاقيات إنتاج مشترك مع شركة “حيان بيترو” الكيميائية، والتي تمتلكها الشركتان السورية والكرواتية بنسبة متساوية تحت اسم الشركة المشتركة “إتش بي سي”.

كما أن شركة “إينا” كانت من أولى الشركات التي أجبرت على التوقف عن العمل عام 2012 جراء العقوبات الغربية والأممية، كما أنها استثمرت نحو مليار دولار في حقل أفاميا منذ 1998، وحافظت على مكتبها في دمشق رغم التحديات التي مرت بها البلاد.

آخر الأخبار
إقبال كبير في طرطوس على حملة للتبرع بالدم  الشيباني: سوريا تدعم مبادرات السلام والاستقرار الإقليمي والدولي "الأشغال العامة": الانتهاء من تأهيل أتوستراد دمشق - بيروت آخر أيلول  القانون الضريبي الجديد بين صناعيي حلب والمالية  أزمة البسطات في حلب.. نزاع بين لقمة العيش وتنفيذ القانون  جسر جديد بين المواطن والجهاز الرقابي في سوريا  90 مدرسة خارج الخدمة في الريف الشمالي باللاذقية  غلاء الغذاء والدواء يثقل كاهل الأسر السورية بعد تدشين سد النهضة..هل تستطيع مصر والسودان الحفاظ على حقوقهما المائية؟! قافلتا مساعدات أردنية – قطرية إلى سوريا 90 بالمئة من الأسر عاجزة عن تكاليف التعليم الحد الأدنى المعفى من الضريبة.. البادرة قوية وإيجابية.. والرقم مقبول عملية نوعية.. القبض على خلية لميليشيا “حزب الله” بريف دمشق "الإصلاح الضريبي" شرط أساسي لإعادة الإعمار المال العام بين الأيادي العابثة أرقام صادمة .. تسجلها فاتورة الفساد في قطاع الجيولوجيا الأسعار في ارتفاع والتجار في دائرة الاتهام سرافيس الأشرفية – جامعة حلب.. أزمة موقف بين المخالفات ومعيشة الأسر بين الهاتف الهاكر ومواجهة العاصفة الإلكترونية  الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان والهيئة الوطنية للمفقودين تبحثان آليات التنسيق عودة اللاجئين السوريين نقطة تحول من أجل إعادة الإعمار