لقي القرار الذي صدر عن اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في الجامعة العربية والمتضمن دعوة سورية للمشاركة في نشاطاتها والمنظمات المنبثقة عنها وإلغاء قرار تجميد عضويتها في الجامعة العربية ترحيباً واسعاً في الأوساط السياسية والشعبية في سورية وعديد الأقطار العربية، وأزال الكثير من التبعات النفسية التي ترتبت على ذلك القرار اللاميثاقي والمخالف لقواعد العمل في الجامعة فضلاً عن أن الجامعة العربية هي جامعة للدول العربية والانضمام لعضويتها يقوم على أساس الانتماء الهوياتي العربي للدولة بوصفها دولة عربية، وسورية التاريخية هي منبع الفكر القومي وحاملة رسالة العرب الخالدة.
لقد استغلت بعض التيارات الشعوبية والشوفينية الحاقدة على العرب والعروبة بوصفها رافعة العرب الحضارية مسألة تجميد عضوية سورية في الجامعة، وبدأت بالتصويب على العروبة والفكر القومي العربي والترويج الكاذب بأن العرب في سورية جاؤوا مع الفتح الإسلامي في تجاوز واضح وافتراء ممجوج على التاريخ، فعروبة سورية وبلاد الشام مسألة يجيب عنها التاريخ والحاضر بل إن سورية هي جذر العروبة وأرومتها ورافعتها التاريخية.
إن عودة سورية للجامعة تمهد لعودة عربية لسورية وانفتاح عربي عليها ليس على المستوى السياسي وإنما على كل الصعد الاقتصادية والاحتماعية والثقافية ورأس المال العربي، ونشير هنا إلى أهمية إحداث صندوق عربي لإعادة الإعمار يمول من دول عربية وإسلامية يمكن من عودة كريمة وآمنة للاجئين والنازحين وإعادة بناء الاقتصاد السوري والبنى التحتية التي تعرضت لتخريب ممنهج وسرقة موصوفة وما زالت إضافة إلى أن عودة سورية للجامعة هي قوة للعرب، فسورية بجيشها وشعبها وقيادتها الممثلة بالرئيس بشار الأسد استطاعت هزيمة مشروعين خطيرين استهدفا المنطقة هما الفوضى الحراقة الأميركي الصهيوني والمشروع الإخواني الأردوغاني، فلو نجح أحدهما لتغير وجه المنطقة العربية وعموم الإقليم، ولا شك أن لحلفاء سورية وفي مقدمتهم حزب الله والجمهورية الإسلامية الإيرانية ومحور المقاومة دور أساسي في ذلك وكذلك اتحاد روسيا لاحقاً.
إن تصحيح العلاقات العربية مع دمشق والاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية لقيا دعماً شعبياً وتفاؤلاً على الساحة العربية والإقليمية ما يجعل الجميع ينظر بتفاؤل وأمل كبير إلى مستقبل مشرق ينتظر العرب وجوارهم الجغرافي، وعلى العكس من ذلك من جهة العدو الصهيوني وداعميه وهم المستفيد والمستثمر الأكبر في مأسي وصراعات وخلافات أبناء المنطقة من عرب وإيرانيين وأتراك، ولاشك أن ثمة فرصة تاريخية يمكن أن يلتقطها العرب في العمل على إقامة نواة لتكتل عربي اقتصادي وثقافي وسياسي وأمني يشكل أساساً لقطب عربي منتظر بدل المراهنة على قوى أخرى.
لقد كان لمواقف المؤتمر القومي العربي ومؤتمر الأحزاب العربية والمؤتمر القومي الإسلامي ومؤسسة القدس الدولية دور واضح في تحريك الرأي العام العربي بالدعوة لعودة سورية للجامعة العربية ورفع الحصار الظالم المفروض على الشعب السوري والسعي الدائم لإسقاط قانون قيصر أحد اشكال الهيمنة على دول العالم.
إن تعزيز العلاقات العربية العربية والعلاقات مع دول الجوار العربي والحديث عن شراكات بينها سيسهم في بناء شرق أوسط عربي ومقاوم يجعل من المنطقة رقماً مهماً ورافعة أساسية في بناء نظام دولي جديد يقوم على فكرة التعاون والتنمية وصولاً لعالم آمن ومستقر.