د.مازن سليم خضور:
عندما تسأل البعض عن (٢٩ أيار) فإنه ما يلبث أن يجيبك هو من أجمل الشوارع الواقعة في العاصمة دمشق الذي يربط بين ساحتين لهم في ذكرى السوريين الكثير الأولى ساحة السبع بحرات والثانية ساحة يوسف العظمة أو كما تعرف “ساحة المحافظة” وعلى طرفي هذا الطريق مجموعة من المنشآت التجارية والحكومية والاقتصادية والثقافية والسياحية الكثير لكن الأهم من ذلك القيمة التاريخية لهذا الشارع.. لماذا سمي بهذا الاسم؟
سمي بهذا الاسم تخليداً لشهداء حامية البرلمان الذين ارتقوا على يد قوات الانتداب الفرنسية، يوم (٢٩ أيار ١٩٤٥)، حيث وجه الجنرال (أوليفيا روجيه) الحاكم العسكري لمدينة دمشق إنذاراً إلى رئيس المجلس النيابي يهدده فيه بانتقام فرنسا من المواطنين السوريين الذين يهاجمون قوات الاحتلال الفرنسي.
وطلب من المرابطين على أبواب المجلس النيابي في شارع العابد من الحامية أن يُنزلوا العلم السوري وأن يحيّوا العلم الفرنسي فرفضوا ذلك فقامت قوات الانتداب بإطلاق النار عليهم، ليرتقوا شهداء على أبواب المجلس، وفي مقدمتهم رئيسهم المفوض سعيد القهوجي لتنطلق المظاهرات في شوارع دمشق لتقوم المدفعية الفرنسية بتوجيه فوهات مدافعها نحو الأبنية السكنية حتى أنهم استهدفوا قلعة دمشق ولم تنم دمشق في تلك الليلة وكان عدد الشهداء بالمئات ويقال بأن العدد وصل إلى (٣٠٠) شهيد من الدرك والمواطنين.
لكل زمان مرتزقته!
تقول المراجع التاريخية أنه قبيل وقوع العدوان، أراد الفرنسيون تعزيز مواقعهم العسكرية في سورية بقوات من إفريقيا وتحديداً بثلاثة أفواج وبالفعل وصل الفوج الأول يوم (٥ أيار) من ذات العام وكان يضم ( ٩٠٠) عسكري سنغالي مزوداً بالأسلحة الفتاكة من مدافع هاون ورشاشات كبيرة وصغيرة ودبابات ومصفحات وهم من شارك بدخول البرلمان واستهداف عناصر الحامية ونفذت أبشع جرائمها الوحشية، بتمزيق أجساد الناجين من المقاومين بالسواطير والحراب، والتمثيل بجثث من استشهدوا.
الجرائم المركبة!
الجريمة المركبة التي حصلت في ذات التاريخ (٢٩ من أيار) ولكن بعام مختلف ( ١٩٣٧ ) عندما أصدرت “عصبة الأمم” قراراً بفصل لواء إسكندرون عن سورية وعُين عليه حاكم فرنسي،
وفي (١٥ تموز ١٩٣٨ ) تراجعت القوات الفرنسية (قوات الانتداب) إلى أنطاكية ودخلت (قوات الاحتلال التركية) مدن اللواء الستة الرئيسية: أنطاكيا (عاصمة المحافظة)، وإسكندرون، وأوردو، والريحانية، والسويدية، وأرسوز.
وفي (١٩٣٩) نظم الفرنسيون بشكل غير قانوني استفتاء قاطعه السكان العرب كونه يعد مخالفاً لصك الانتداب الذي ينص في المادة الرابعة منه على “إلزام الدولة المنتدبة باحترام وحدة البلاد الموكلة إليها والحفاظ على سلامة أراضيها” وهذا لم يحصل بالإضافة إلى سياسات التتريك بحق الأسماء واللغة التي كانت تتبعه تركيا وحملات التضييق على أبناء اللواء السوري المسلوب الذي يعتبر المحافظة السورية الخامسة عشرة.
التاريخ يعيد نفسه
يقال “التاريخ ما هو إلا تكرار لنفس الظواهر والأحداث التى حدثت من قبل مع تغيير طفيف في الأبطال والأدوار”
_ وهذا ما حصل ويحصل على الأراضي السورية من محاولة الاستيلاء على أراضيها وثرواتها ومقدراتها عبر الطامعين باختلاف مسمياتهم احتلال وانتداب وتحالف دولي!
_ في كل زمان ومكان للمرتزقة دور في كل هذه الأمور فكما كان هناك مجازر ترتكب على يد القوات السنغالية التي كانت تحت إمرة قوات الانتداب الفرنسي فهذا نشاهده حالياً على يد المرتزقة التي جاءت إلى سورية من كل بقاع الأرض!
_ دائماً ما يدفع الشعب السوري فاتورة انتصاره بدم أبنائه ولكن بالرغم من أن الفاتورة تكون كبيرة لكن في النهاية الانتصار حليفه في كل زمان ومكان.