رؤية وطنية لمواجهته.. ورشة للبرنامج الوطني للتحكم بالسرطان: لم يتوقف ولا ليوم واحد تطبيق مجانية العلاج للمرضى
الثورة – دمشق – عادل عبد الله:
تعتبر اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان في سورية إحدى دعائم البرنامج الوطني كذراع علمي طبي تخصصي وتنظيمي لتحقيق أهداف مواجهة السرطان، وتضم خبراء واختصاصيين وأكاديميين بالإضافة لممثلين عن المجتمع الأهلي ومؤسساته المدنية، حيث وضعت في بداية عملها خطة وطنية شاملة تجمع بين جميع بنود ومحاور التحكم بالسرطان المعتمدة عالمياً من خلال العمل على الوقاية الأولية وتطبيق برامج المسح والكشف المبكر، والسعي لتقليص الزمن بين التشخيص والعلاج لإنقاص معدلات الأمراض والوفيات.. كما تعمل على تحسين جودة حياة المرضى وعائلاتهم والحالة النفسية لهم من خلال الدعم والتأهيل والعلاج الملطف.
وفي إطار ذلك أقام البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان اليوم ورشة عمل إعلامية في قاعة اشبيلية بفندق شيراتون للاطلاع على الرؤية الوطنية لمواجهة السرطان وإنجازات البرنامج وتبادل المعرفة والمعلومات وصولاً لشراكة، ضمن رؤية وطنية شاملة للوصول إلى أعلى مقومات ومتطلبات التعامل وتقديم الخدمات الطبية والتشخيصية والعلاجية والتوعوية للمواطنين.
رئيس اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان الدكتورة أروى العظمة أكدت أنه مع كل التحديات التي تواجهها سورية، لم تتوقف ولا ليوم واحد عن تطبيق مبدئها القائم على مجانية العلاج لمرضى السرطان، حيث قد يخفى عن كثيرين أن علاج السرطان في سورية بجميع مراحله وطرقه وضمن جميع المستشفيات الحكومية هو مجاني بنسبة 100%.
ولفتت إلى أن البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان- والذي أطلقته السيدة الأولى أسماء الأسد قبل ثلاثة سنوات ضمن رؤية وطنية شاملة للوصول إلى أعلى مقومات ومتطلبات التعامل مع المرض-، يسعى إلى وضع السياسات وتنفيذ الاستراتيجيات والخطط الهادفة لخفض معدلات السرطان في سورية بالتشارك بين القطاعات كافة وبدعم مختلف الطاقات الاجتماعية الفردية والجماعية ولتحقيق أهدافه من خلال تعزيز الشراكات الاستراتيجية والفعالية التشغيلية، وإنقاص نسب الحدوث من خلال الوقاية الأولية، وضمان تطبيق برامج مسح وكشف مبكر فعالة لإنقاص معدلات المصادفة والوفيات، وضمان التشخيص والعلاج لفعال لإنقاص معدلات الإمراض والوفيات بسبب السرطان، إضافة إلى تحسين جودة حياة مرضى السرطان وعائلاتهم من خلال الدعم والتأهيل والعلاج الملطف، وكذلك تحسين فعالية التحكم بالسرطان.
وأوضحت أنه منذ انطلاقته، حدد البرنامج أولايات واعتمد التركيز على بناء ووضع أساسيات ودعائم تضمن استدامة عمله وانعكاس الأثر السريع من هذا العمل على المريض، فكان العمل على تعزيز ورفع خبرات وبناء قدرات الكوادر البشرية، ورفع مستوى العلاج في سورية عبر تطوير بروتوكولات الكشف المبكر والعلاج الكيماوي والإشعاعي، والتي تساعد في الوصول إلى خطة علاجية مستندة إلى الحقائق والمعلومات الطبية المسندة بالدليل ليستمر.
ونوهت الدكتورة العظمة بأن البرنامج أولى الموارد البشرية اهتماماً كبيراً للنهوض بواقع التحكم بالسرطان تلبية للمتطلبات والحاجات، من خلال إطلاق اختصاص التشخيص والعلاج الإشعاعي في كلية العلوم الصحية وهو ما يعتبر الحدث الأهم استراتيجياً في هذا المجال خلال عام 2021.
وأشارت إلى أنه انطلاقاً من إدراك البرنامج بأن الكشف المبكر عن السرطان يلعب الدور الأساس في رفع نسب الشفاء ويضمن فترات علاج أقصر وما يحمله ذلك من عبء نفسي أقل على المريض وأهله، إضافة لتوفير التكاليف المادية على القطاع الصحي في سورية، طور البرنامج في عام 2022 برامج مسح للتقصي عن السرطانات الأكثر شيوعاً، وهي: الثدي والبروستات وعنق الرحم.
كما تعمل اللجنة على الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تطوير طرق وبروتوكولات العلاجات والكشف المبكر، من خلال افتتاح مراكز جديدة ليتم تغطية جميع المناطق للوصول إلى إنقاص نسبة زيادة المرضى، والسعي لمواكبة التطور العلمي والطب الحديث المسند بالدليل علمياً وواقعياً لما له من أثر كبير وعميق في تقليص الزمن بين التشخيص والعلاج.
معاون مدير الهيئة العامة لمستشفى البيروني الجامعي في دمشق الدكتور محمد العواك بين أن المستشفى يعمل على تقديم جميع الخدمات العلاجية لمرضى السرطان، والقسم المطور في البيروني- المزة هو واحد من محطات البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان، وهو جزء مخصص لتقديم العلاج الإشعاعي من منظومة طبية وطنية تتكامل نتائجها في هدف رئيسي هو زيادة معدلات الشفاء من مرض السرطان وتقليل نسب الوفيات الناجمة عن الإصابة به، من خلال تقديم سلسلة متكاملة من الإجراءات العلاجية لمواجهة السرطان، وزيادة معدلات الشفاء للمرض.
ولفت إلى أنه خلال فترة انطلاقة البرنامج ومن إدراكه لحجم التحدي الذي تعاني منه سورية في العلاج بشكل عام والإشعاعي بشكل خاص سعى لرفع مستوى العلاج الإشعاعي كخطوة أولى من خلال تأمين الأجهزة اللازمة لمواجهة هذا التحدي وليكون خطوة يخطوها البرنامج تجاه مواجهة أقرب للتوجهات العالمية ضد السرطان، فكانت التشاركية بمفهومها الواسع الذي ترجمتها نشأة البرنامج الوطني هي الحل.
وسلط الضوء بأنه بجهود لا تعرف الاستكانة ولا الرضوخ للصعوبات تم شراء واستقدام جهازين من أحدث أجهزة معالجة السرطان إشعاعياً، ليكون هذا المركز هو حصاد أعوام طويلة من العمل يصبح بيئة متكاملة تكنولوجية، بشرية وإدارية أيضاً، وانطلاقاً من ضرورة تقديم العلاج المناسب واللائق لجميع المرضى جاءت هذه المنظومة.
وأشار الدكتور العواك إلى أن المنظومة تتمتع بدقة عالية تصل لأكثر من 95% في استهداف الخلايا السرطانية وحماية النسج السليمة وبالتالي منع الحروق التي يمكن أن تصيب المريض جراء تعرض الأعضاء السليمة للإشعاع، كما تحقق خرقاً كبيراً في عامل الزمن حيث أن زمن جلسة العلاج أقصر عما كانت عليه، وتعتمد على تقنيات مطابقة مزدوجة ولا تعمل ما لم تصل نسبتها إلى 95% وبالتالي لا مكان للتدخل البشري، وكذلك تزيد في عدد المرضى المعالجين، والتي تقدر يومياً بحوالى 50 مريضاً وسيتم زيادتها لتصل إلى 100 مريض، وبالتالي تحقيق قدرة أعلى على توفير مقومات ومتطلبات مواجهة مرض السرطان، وما هذا المركز إلا خطوة للأمام من خطوات كثيرة وثابتة يخطوها البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان تجاه إنجازات أكبر ضمن رؤية وطنية شاملة.
أمين سر اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان رندة برهوم أوضحت أن مرض السرطان في سورية يعد مشكلة صحية كبرى وهو ثالث سبب للوفاة حسب البيانات الصادرة عن وزارة الصحة، حيث سجلت حوالي 17.599 إصابة جديدة عام 2020، ولكن ووفقاً لتقديرات JARC GLOBOCAN 2020 من المتوقع أن يرتفع عبء السرطان في سورية ليصل إلى 58.600 حالة في 2030.
وبينت أن المرض واحد من القضايا والتحديات الوطنية التي تواجهها سورية ولاسيما في ظروفها الصعبة التي مرت بها ولا تزال، لكننا اليوم أمام مشهد أوسع يتعلق ببرنامج وطني يقوم على تشاركية تجمع وزارات معنية ومؤسسات رسمية وأفراد ومؤسسات أهلية وخبراء، مشهد يعتمد رؤية وحلولاً وطنية لمواجهة هذا التحدي، وقد بات معروفاً أن التحديات أساسها العقوبات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب على القطاعين الصحي والمصرفي في سورية، والذي يظهر انعكاسه بشكل جلي على علاج المرضى وحصولهم على الرعاية اللازمة التي تتوافق مع البروتوكولات العلاجية.