الثورة – لقاء عبد الحميد غانم:
أكد المحلل السوداني محمد مدني آدم أن المتغير الدولي له الأثر المباشر في التنافس على السودان كمنطقة حيوية في منطقة “الشرق الأوسط”، خاصة في ظل التشابك والتعقيد بين الأطراف المتنافسة لاسيما الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية والكيان الإسرائيلي في البحث عن مجال حيوي في المناطق ذات المرتكزات الجيو إستراتيجية، منوهاً بأن الجيش السوداني خلال الوضع الحالي للنزاع يذهب باتجاه الحسم العسكري.
وقال مدني آدم في حديث خاص للثورة: يتميز السودان بموقعه الحيوي والمتنوع من حيث الخصائص الجيو إستراتيجية والاجتماعية، ومتعدد الثقافات الإثنية والعرقية في تجمعاته السكنية، ويمتلك مقومات زراعية هي الأكبر في المنطقة العربية إلى جانب ثروات معدنية هائلة.
وليس هذا فحسب، بل إنه – وفق آدم – بلد الموارد البشرية بما يمتلكه من طاقة شبابية هائلة، ويعد بوابة أفريقيا من جهة الشرق حيث يمتلك شاطئاً طويلاً جداً على البحر الأحمر يمكنه من مراقبة الجهة الغربية للبحر الأحمر.
وهذه الإمكانيات الغنية، التي يمتلكها السودان تعد سبباً وراء الأطماع الاستعمارية، حيث استهل آدم حديثه بالقول: يمتلك السودان مقومات زراعية هي الأكبر في المنطقة العربية، بواقع 175 مليون فدان صالحة للزراعة، إلى جانب مساحة غابية تقدر بحوالي 52 مليون فدان (الفدان يعادل 4200 متر مربع).
وفي الشق الحيواني، أضاف مدني آدم : يمتلك السودان 102 مليون رأس من الماشية، متحركة في مراع طبيعية خصبة، تُقدر مساحتها بـ 118 مليون فدان، فضلاً عن معدل أمطار سنوي يزيد على أربعمائة مليار متر مكعب ومياه جوفية وفيرة، إضافة إلى المسطحات المائية، وتجري في وديانه سبعة أحواض مائية رئيسة، بل أيضاً يجري على أرضه أطول نهر في العالم وهو نهر النيل.
ونوَّه مدني آدم بأن السودان يحتل المرتبة الثالثة من بين الدول الأفريقية إنتاجاً للذهب، إضافة إلى نصيبه من المعادن الأخرى مثل: الكروم والمنغنيز والفلسبار والجبس والكلنكر والملح والتك والحديد والنحاس والكاولين بحسب “الشركة السودانية للموارد المعدنية”.
وقال آدم : يمسك السودان أيضاً بحزام الصمغ العربي في مساحة كبيرة على أراضيه، يمتد من ولايات كردفان الكبرى ودارفور الكبرى ويستحوذ على 85 في المئة من إنتاج العالم من الصمغ العربي الذي يتدخل في صناعات مهمة ولاسيما الصناعات الدوائية.
وأكَّد المحلل مدني آدم أنه لدى السودان دور أساسي في منظومة الدول المطلة على البحر الأحمر، إذ يعتبر السودان أمن البحر الأحمر من أهم المحاور الأمنية المباشرة للأمن العربي بشكل عام والأمن الوطني السوداني بشكل خاص، وقال: يشكل البحر الأحمر قناة الوصل بين السودان والعالم الخارجي عبر البحار المفتوحة في المحيطين الهندي والأطلسي عبر البحر المتوسط وقناة السويس، ما يضفى أهمية خاصة على أمن السودان والدول العربية المطلة على البحر الأحمر، وتعطل الملاحة في البحر الأحمر لأي سبب من الأسباب سيؤدي إلى تعطل الملاحة العالمية في البحر الأحمر.
وأشار المحلل مدني آدم إلى أن كل تلك الثروات الهائلة شرقاً وغرباً لم تشفع للسودان كي يعيش بسلام و ينمو وينطلق، في ظل واقع يعيش العالم فيه حالة من الصراع الدولي وتشكيل تحالفات جديدة وأزمة غذائية قد تضرب العالم وقال: إنه مع احتدام الصراع بين القوى العظمى من جهة روسيا والصين، ومن جهة أخرى الولايات المتحدة وحلفائها، ما جعل السودان بيئة خصبة للقوى العالمية لتصارعه على هذه الخصائص، فضلاً عن أطماع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية، حيث أطماع “إسرائيل” تمتد من “الفرات إلى النيل” وتسعى بشتى الوسائل من أجل التغلغل في أفريقيا، ويمثل البحر الأحمر أهمية كبيرة للمصالح الإسرائيلية التجارية والإستراتيجية، كما يحتاج الكيان الإسرائيلي إلى دعم الدول الأفريقية في مواجهة الدول العربية والإسلامية.
ونوَّه المحلل آدم بأن سياسة “إسرائيل” تحركت للسيطرة والتحكم بدولة السودان ويظهر ذلك بوضوح في سياستها في الشرق الأوسط وتحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية في لي ذراع السودان والضغط عليه من أجل التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، حيث اتبع شتى الوسائل لمنع البحر الأحمر من أن يكون بحيرة عربية، فعمل على زعزعة الأمن والاستقرار بما يخدم مصالحه الأمنية، مستفيداً من المتغيرات الدولية و التوازنات الإقليمية.