الثورة – ترجمة رشا غانم:
من ضمن حزمة المساعدات العسكرية الأخيرة إلى أوكرانيا والتي تصل إلى ٢٥٠ مليون دولار أمريكي ممن كشفت عنها وزارة الخارجية الأمريكية، تستحق ذخائر اليورانيوم المستنفد – والتي ظهرت لأول مرة في مذكرة التسليم- اليقظة والانتباه المطلقين، فالأمر لا يتعلق فقط بالقدرة الهائلة لتلك الذخائر على اختراق الدروع لتدمير العربات الثقيلة، ولكن الأهم من ذلك، هو رد فعل روسيا بالمقابل على ذلك في حال حدوثه.
فكما أنه لاينبغي تجاهل الآثار البيئية المحتملة وطويلة الأمد لليورانيوم المستنفد، فإن اليورانيوم المستنفد هو منتج ثانوي من إنتاج الوقود في محطات الطاقة الذرية، وعلى الرغم من انخفاض مستويات الإشعاع انخفاضاً كبيراً واستخدام الذخائر لخصائصها المادية بدلاً من النووية، فإنه إذا ما تم استخدامها بكميات كبيرة وفي وقت قصير، فإنه لا يمكن تجاهل الآثار الإشعاعية التي تنتجها، كما أظهرت حالات كثيرة، ولهذا السبب كان كلا الجانبين حذرين للغاية بشأن استخدامها.
إن المعسكر الأمريكي هو من اخترق هذا المفهوم على حساب تحويل أزمة أوكرانيا من سيئة إلى أسوأ، حيث تلقت أوكرانيا الدفعة الأولى من ذخائر اليورانيوم من المملكة المتحدة في آذار لاستخدامها في دبابات تشالنجر 2 بريطانية الصنع، وفي المقابل ردت موسكو على الفور على الخطوة المحفوفة بالمخاطر التي غيرت قواعد اللعبة بتعهدها بوضع أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروس، فإن المساعدة العسكرية الأمريكية الأخيرة لأوكرانيا تجعل من الجلي بشكل لا مجال للخداع فيه بأن واشنطن لا تريد فقط أن تطيل الصراع ولكنها أيضا تريد تصعيده، وفي حين أن أزمة أوكرانيا تسببت وتتسبب في خسائر فادحة للبلدين وخارجهما، تعتقد واشنطن أنها واحدة من أفضل “الاستثمارات” التي قامت بها الولايات المتحدة للدفاع عن هيمنتها في التاريخ.
يذكر أن الولايات المتحدة قد أنفقت 2.5 في المائة فقط من الإنفاق الدفاعي الأمريكي منذ اندلاع الصراع في شباط من العام الماضي، حيث ضربت ثلاثة طيور على الأقل بحجر واحد، فبالمقارنة مع عام ونصف قبل، مع مثل هذه المدخلات المحدودة، فقد أضعفت روسيا بشكل ملحوظ، وشددت قبضتها فعليا على أوروبا، واستغلت الوضع بشكل ملحوظ لدفع استراتيجيتها لاحتواء الصين في آسيا والمحيط الهادئ.
لقد عمل “الاستثمار الأوكراني” على تعزيز قيادة الولايات المتحدة للغرب، ناهيك عن حقيقة بأن جزءاً كبيراً من هذا “الاستثمار” يمثل الأموال التي تحتكرها الصناعة العسكرية في الولايات المتحدة وحلفائها ما يترك المبلغ يذهب مباشرة إلى أوكرانيا بشكل طفيف نسبياً، وكلما طالت مدة استمرار الأزمة في الاتجاه الذي تريده، زادت استفادة الولايات المتحدة منها، فيجب تذكير الولايات المتحدة وحلفائها بأنه إذا تصرفت روسيا بالمثل، وهو أمر شبه مؤكد، فإن الوضع سيأخذ منعطفاً حاسماً نحو الأسوأ.
وبفضل جهود الوساطة الهائلة التي بذلتها الصين وبعض الدول الأخرى، بما فيها البرازيل وإندونيسيا، خلال الأشهر القليلة الماضية، فلم يغير الصراع حتى الآن مساره إلى مسار نووي، كما أنه هناك حاجة ماسة لانضمام المزيد من الدول إليها في تعزيز إنهاء الصراع عاجلاً وليس آجلاً.
المصدر – تشاينا ديلي