الثورة – ترجمة ميساء وسوف:
أمريكا تتغير، والسياسة الخارجية الأمريكية تتغير معها، وبالنسبة لأغلب الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، كان الاتحاد مع الولايات المتحدة لفترة طويلة هو السمة الأساسية لسياستها الخارجية والأمنية. لكن الاضطرابات التي شهدتها إدارة ترامب والسياسة الخارجية في عهد إدارة بايدن أظهرت بما لا يدع مجالاً للشك أن العالم القديم الذي صنعته الولايات المتحدة، والصفقة القديمة التي أبرمتها مع أوروبا، لن يستمر طويلاً.
وبالنسبة للأوروبيين، الذين ما زالوا يعتمدون بشكل كبير على الضمانات الأمنية الأميركية، فإن الإبحار في عالم مضطرب من السياسة الداخلية والخارجية الأميركية يظل مسألة ذات أهمية وجودية.
وعلى هذا فإن القلق الأوروبي بشأن نجاح رئيس جمهوري في عام 2025 احتمال كبير، وكثيراً ما يُثار شبح عودة دونالد ترامب إلى السلطة للمطالبة بسيادة إستراتيجية أكبر لأوروبا، ومن الطبيعي أن يثير هذا الشعور بالرهبة حول مدى اختلاف المرشحين الرئاسيين الجمهوريين في أساليبهم في التعامل مع السياسة الخارجية، حيث سيحدد الجمهوريون دائماً سياستهم في مواجهة الإدارة الديمقراطية الحالية، ولكن مع ذلك، سيكون من المهم للغاية ما إذا كان ترامب، أو رون ديسانتيس، أو نيكي هيلي، أو مايك بنس، أو أي جمهوري آخر سيحتل البيت الأبيض.
يمكننا أن نتوقع بعض الاستمرارية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، بغض النظر عن الحزب الذي سيفوز في الانتخابات الرئاسية عام 2024، وقد أدى الضغط من القاعدة في كلا الحزبين لصالح مصالح الطبقة العاملة إلى خلق العديد من التداخلات بين مواقف الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن التجارة الخارجية، والسياسة الصناعية الإستراتيجية، والتنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين، والتدخلات الخارجية.
ومع ذلك، لا تزال الأطراف منقسمة بشكل يائس على أسس حزبية حول العديد من القضايا المهمة، وفيما يتعلق بالطاقة والمناخ، ومنفعة الحلفاء، والتعامل مع المؤسسات الدولية، تختلف مواقف الجمهوريين والديمقراطيين في السياسة الخارجية بشكل كبير، وبالتالي فإن أي تغيير في القيادة في البيت الأبيض سوف يستلزم تقلبات عميقة في السياسة.
ويعاني الحزبان أيضاً من انقسامات داخلية خطيرة بشأن السياسة الخارجية، فعلى اليمين، يرى الجناح الترامبي في الحزب الجمهوري الحرب في أوكرانيا بشكل مختلف تماماً عن معظم زعماء الجمهوريين في الكونغرس.
وعلى اليسار، انتقد المشرعون التقدميون بشدة عسكرة السياسة الخارجية التي تجد دعماً واسع النطاق بين القادة الديمقراطيين السائدين.
وفي كلا الحزبين، تشكلت اتجاهات السياسة الخارجية، وانخرطت في مناقشات داخلية شرسة حول التوجهات السياسية المتميزة.
إن السياسة الخارجية الأميركية في المستقبل سوف تعتمد إلى حد كبير على المجموعة التي سوف تكون لها الغلبة.
وتستكشف هذه الورقة أوجه التشابه والاختلاف داخل الأحزاب وفيما بينها في أهم مجالات السياسة الخارجية التي تؤثر على علاقة واشنطن بأوروبا.
وهذا يقدم توصيات بشأن ما يمكن للأوروبيين القيام به لحماية مصالحهم، بغض النظر عمن سيجلس في المكتب البيضاوي في كانون الثاني 2025.
وفي نهاية المطاف، يحذر التقرير الأوروبيين من أخذ مناقشة السياسة الخارجية للولايات المتحدة على محمل الجد، وعدم تجاهلها، والاستعداد لحرب جديدة والتغيرات العميقة التي قد يجلبها.
ويؤمن بايدن بقيمة الحلفاء والتحالفات في تعزيز مكانة أميركا كزعيم عالمي، فمنذ توليه منصبه، استثمر في العلاقات مع الحلفاء الأوروبيين والكنديين والآسيويين الذين يشاركونه وجهات نظره بشأن المنافسة مع الصين، ومواجهة روسيا.
ومع ذلك، فقد فشلت إدارته في بعض الأحيان في اتخاذ قرارات السياسة الخارجية بشكل جماعي، مثل الانسحاب من أفغانستان أو تشكيل تحالف AUKUS ، الأمر الذي أدى إلى نفور فرنسا.
كما تسببت الاستثمارات الأميركية الإستراتيجية في صناعة التكنولوجيا المتطورة والخضراء في حدوث احتكاك مع الأوروبيين الذين يشعرون بالقلق بشأن العواقب الطويلة الأجل المترتبة على اكتساب الولايات المتحدة مثل هذه الميزة التنافسية وتحريف قواعد التجارة العالمية في العالم.
ومع خسارة الاتحاد الأوروبي لأرضيته الاقتصادية والعسكرية لصالح الولايات المتحدة، وتفاقم الوضع الأمني في أوروبا الذي يزداد سوءاً، فإن خطر التبعية لواشنطن يتزايد بشكل كبير.
المصدر – أوراسيا ريفيو
