مرشد ملوك:
في أحاديثنا العلنية والخاصة نتحدث بأن الاقتصاد السوري يعاني تضارب مصالح واحتكارا من فئات استفادت من ظرف الحرب المستمرة والقائمة على البلاد، الأمر الذي أثر على الميزات التفضيلية الكبيرة التي يملكها هذا الاقتصاد، وأثر ذلك على ظروف البيئة الاستثمارية التي تجهد البلاد الى الحفاظ عليها وتطويرها بشكل دائم .
شطرين:
أمام هذا الحال انقسم الرأسمال الوطني السوري الى شطرين:
الأول: آثر العمل والاستثمار والشغل داخل البلاد رغم كل ظروف الحرب من مخاطرة واحتكار ومضاربة وجماعات ضغط وبيئة صعبة في تأمين مستلزمات الإنتاج وحوامل الطاقة وإجراءات لوجستية وأمنية على الأرض.
والشطر الثاني: هو الرأسمال المهاجر الذي لم يستطع الاستمرار وتحمل ظروف العمل داخل البلاد، فخرج مسرعا للبحث عن فرص له في الخارج.
نظريات:
هنا وجدنا أنفسنا بحكم الظرف والأمر الواقع أمام العديد من وجهات النظر والنظريات:
النظرية الأولى تقول: بأن عمل الأفراد والجماعات خارج البلاد من شأنه أن يحسن وارد البلاد من القطع الأجنبي جراء فرص العمل التي توفرها اقتصادات العالم للسوري المهاجر.. بالمقياس العام ووفق سلم تطور وتلاقي الأمم فهذا أمر طبيعي وفق نسب معينة، لكن أن يتحول الأمر الى هاجس فهذا ما يجب أن تتوقف الحكومة عنده، لأن هذا النمط المرحلي والظرفي في حال استمر أو تخطى النورم العالمي للهجرة فهو يحول البلاد الى فندق .
النظرية الثانية تقول: بأن سورية اليوم وغدا وفي كل وقت هي بلد الفرص والعمل والاستثمار .. في الصناعة والزراعات الصناعية وفي السياحية ، وهي اليوم هي أهم فرصة استثمار عقاري في العالم بعد الحرب، وسورية بحكم موقعها ومناخها والأيدي العاملة المدربة والخبيرة التي تملكها في الداخل والخارج تملك مزايا تفضيلية قلّ نظيرها.
للتصدير:
وهذا الأمر الطبيعي أن يكون الاقتصاد السوري مولدا هائلا لفرص العمل، ومولدا كبيرا للقطع الأجنبي جراء المغريات التي يملكها لجذب رؤوس الأموال الخارجية السورية وغير السورية للعمل والربح داخل سورية، والاقتصاد السوري يملك ميزات تصديرية في الاستثمار الزراعي والسلع الزراعية وكذلك بالصناعات الزراعية والغذائية وفي الصناعات الكيميائية وفي الكثير من السلع المصنعة والمواد الأولية، وهذا يهيىء لأن نحول معادلة التضخم وارتفاع قيمة القطع الى نعمة.
التضخم الوحشي:
ربما من يقرأ ما سبق سيقول على الفور .. وماذا بعد ماذا يقدم الطرح السابق ؟
فهذا واقع معروف للجميع .. !!
حقيقة من أساس هذا الواقع وتفاصيله من الضرورة والواجب تقديم هذا الطرح لأن الاستمرار اليوم وفق متوالية ارتفاع الأسعار والتضخم الوحشي الذي اجتاح كل مواطن سوري أمر غير مقبول وقد يكون استمرارنا وفق معطياته الحالية مستحيلا..!!
دعوة شعبية:
لذلك نكرر الدعوة الشعبية لأصحاب رؤوس الأموال السورية وغير السورية في الداخل والخارج للمشاركة الحقيقية للاستثمار في سورية، من بوابة هيئة الاستثمار السورية ، وهنا لن نتحدث عن بيئة استثمار مثالية كما تتحدث كل الدول في العالم، نحن بلاد تعيش الحرب ، وعلى جوارنا عدو الله والإنسانية قاتل الأطفال والنساء في غزة ولبنان وسورية ، ويداه ملطختان بدماء كل بؤر التوتر في العالم، لذلك هو الاستثمار الوطني المخاطر والشجاع المؤمن بهذه البلاد، لأن المثل الصائب يقول ” الرزق اللي ماهو ببلدك .. ليس لك ولا لولدك ” لذلك ما يحتاجه رأسمال السوري الداخلي والخارجي هو رسائل اطمئنان من الحكومة بالشراكة وتقديم الدعم. وتوفير بيئة حقيقية لتوازن المصالح وتكافؤ الفرص.
أخيرا نقول:
من أول ما أشعل الإنسان شرارة النار الأولى قامت لديه فكرة الاقتصاد والشغل والتطور على أساس توزيع المصالح بين الأفراد وتاليا الجماعات ، وهذا التوزيع والترتيب الميكانيكي العلني والضمني وهذا التشابك بين المصالح وجد لنفسه مصلحة في مصالح الآخرين، والآخرون حققوا مصالحهم من خلال مصلحته، وهذا ما قاد البشرية من أول التاريخ الى الخلق والإبداع والتطور وإيجاد الحلول لكل المعضلات التي واجهتها وفق نسق المصالح المتداخلة أولا وثانيا وثالثا.
لكن الانحراف والاستغلال هو الحالة الطبيعية وفق أهواء وغرائز البشر وأبرزها الطمع المفطور عليه الإنسان من يوم سيدنا آدم . فبدأت الطبقات الأقل تطورا تدفع من مصالحها وربما قوتها اليومي للطبقات الأكثر تطورا ، وعلى هذا قام التطور الاقتصادي الطبيعي وفق خطوط مستقيمة تارة واعوجاجات كثيرة في أغلب الأحيان.