الثورة – حمص – سلوى إسماعيل الديب:
فلسطين هي بوصلة العرب، والهم الأكبر الذي يشغل ملايين العرب، وقد وثقت أحداثها من خلال العديد من الأعمال الأدبية.. نقف اليوم مع رواية الطنطورية للأديبة رضوى عاشور، من خلال لقاء نقدي حواري لنادي القراءة في رابطة الخريجين الجامعيين في حمص بحضور نخبة مثقفة من أعضاء النادي ورواد الرابطة.
مدير النادي الشاعرة رولا الحسن سردت بعض أحداث الرواية كنوع من التعريف عنها، تدور أحداث الرواية الصادرة سنة 2010 عن دار الشروق المصرية حول عائلة فلسطينية من قرية الطنطورة في الفترة الزمنية بين عامي 1947 و2000 وتنقلات البطلة من بلد لبلد وقسوة اللجوء..
ليقدم الناقد محمد رستم رؤيته النقدية قائلاً: إن الجميل في الأدب أنه يعتمد القراءة بالتأويل بدل القراءة بالفهم، إذ ليس المهم ما يقصده النص، بل ما رأيته أنت منه، من هنا كانت روعة النص..
الطنطورية مفردة مجلجلة بحرف الطاء منسوبة إلى الطنطورة وهي تجنح نحو الغرائبية، لعل الكاتبة استنبطت من العنونة بعداً رمزياً إذ سعت إلى انفتاح دلالتها لتأخذ منحى يوسع معنى حاملها اللغوي فلا تختصر دلالته على معنى المفردة بذاتها، اي مجرد قرية في فلسطين ليشمل فلسطين بالكامل.
لتؤكد الروائية أن “رقية” الطنطورية هي كل امرأة فلسطينية، ويشير رستم لتسجيل الكاتبة هدفها الذهبي في مرمى الحقيقة حين صورت بدقة لحظات يقطر منها الخوف والموت والألم من الاجتياح الاسرائيلي لبيروت…
ويضيف رستم: على سرير رواية الحرف والقضية الفلسطينية تستلقي رواية الطنطورية، وتميل لأن تكون سيرة ذاتية للرواية فتدين رقية الحرب..
ويختم رستم: الرواية مأخوذة من واقع الحياة الفلسطينية أي أنها مروية على لسان أشخاص، فهي كثيراً ما تقترب من المباشرة والخطابة ينقذها جمالية السردية.
أما الأديبة سكون شاهين فوصفت الشعب الفلسطيني بالجبارين، حيث أثبت الفلسطينيون جبروتهم الموثق تاريخياً، ويظهر ذلك حتى في أطفال غزة، أما اليهودي فهو عابر لذلك أطلق عليهم العبرانيون، هم كانوا موجودين في شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام وفي العراق والمغرب، إنهم مواطنو شتات… وأشارت شاهين إلى أن الرواية أقرب إلى التاريخية وهي امتداد للتغريبة الفلسطينية.
أما الشاعر ذو الفقار الخضر فقدم مقترحات لتكون الجلسة الحوارية أكثر جدوى مثل التعريف عن الأديبة وأعمالها.
بدورها أكدت الأديبة ندى سلامة أن بطل الرواية هو المكان- أي قرية الطنطورية جنوب ساحل حيفا، لتؤكد على وجود الثنائيات في العمل /الموت- الحياة/، /المرأة-القرية/ من خلال طرحها الأحداث من وجهة نظر أنثوية لقرية تعتبر أنثى..
تحكي “رقية” بطلة الرواية الأحداث التي واكبتها في حياتها من سن الثالثة عشرة حتى السابعة والسبعين بطريقة السرد، مغيرة المكان من قريتها بعد المجزرة المريعة التي ذهب ضحيتها مائة رجل وأبوها وأخواها، لتنتقل إلى الخليل ثم عمان فصيدا فبيروت وتلاها أبو ظبي ثم الإسكندرية، وأخيراً الجنوب اللبناني المحرر.. واستحضرت الكاتبة بواقعية شخصيات تلك المرحلة ناجي العلي وغسان كنفاني..
وأضافت سلامة: راوحت الرواية بين الواقع والخيال بأسلوب سردي شيق، وطغت بعض المفردات العامية باللهجة الفلسطينية في الأغاني والمواويل الخاصة.
واختتمت مداخلتها: أبدعت الروائية بأسلوبها واستخدامها الصور والرموز في بعض المشاهد وخصوصاً ما يتعلق بالمشاعر الإنسانية والأحاسيس العميقة، الحلم وخروج يحيى من البحر برمزية وطريقة الوصف الساحرة، مع رمزية إعطاء المفتاح في المشهد الأخير، هو الأمل والحلم الذي تناقلته الأجيال الفلسطينية جيلاً بعد جيل.
روى عضو ملتقى نادي القراءة محمد أنيس خلال مداخلته أحداث الرواية بأسلوب سردي شيق وتناول أبرز الأحداث، لكنه أخذ على الكاتبة أنها ضمن السرد التاريخي للأحداث لم تأت على الحدث الأبرز، حرب تشرين التحريرية عام 1٩٧٣، على الرغم من ذكرها العدوان الثلاثي على مصر ١٩٥٦، ونكسة حزيران ١٩٦٧, وعزا الأمر بأنه ربما سقط سهواً من الروائية عاشور.
واختتم مداخلته بقوله: إن الطنطورية ليست مجرد رواية بل تصلح لأن تكون مرجعاً يوثق أحداثاً كثيرة تعرَّض لها الشعب الفلسطيني.