الثورة – ديب علي حسن:
مما لاشك فيه أن الكثيرين منا مازالوا يذكرون تلك الروايات التي قرأناها في مرحلة اليفاعة أو مطلع الشباب مثل رواية: “بائعة الخبز” أو “أوليفر تويست ومجدولين” أو “تحت ظلال الزيزفون” وكذلك ما قدمه جبران خليل جبران في أعماله: دمعة وابتسامة والأجنحة المتكسرة وغيرها.
كان طوفان المشاعر يتقد بل يمكن القول إن بقاياه مازالت حتى الآن.
كنا نعتقد أن الكثير من الأحداث واقعية و علينا أن نتعاطف مع شخصيات الرواية.
نفرح لفرحها ونحزن لحزنها وكم ألمنا موت شخصية أحببناها.
هذا الفيض من المشاعر نبع من مصادر حقيقية هي القلب والوجدان عند المؤلف.
ولكن يبدو أن فورة التطور التقني وصلت حتى الإبداع في ألوانه كافة، الرسم والشعر والرواية، وفي الرسم كان الحضور الأكبر ومن ثم الرواية، ولاسيما سلسلة الروايات العاطفية.
وإلى هذا أشارت وسائل إعلام كثيرة وعقدت ندوات نقدية حول القضية، يقول موقع “بي بي سي” البريطاني إنه ازدادت بشكل مذهل مبيعات الروايات العاطفية.
ولا تزال تنمو، لكن مع اتهام النوع الأدبي في كثير من الأحيان بأنه نمطي، فهل يتعرض مؤلفوه لخطر الاستعاضة عنهم واستبدالهم بروبوتات المحادثة لكتابة الروايات؟
ويقف عند اعتراف
جوليا كوين، وهي مؤلفة سلسلة روايات بريدجيرتون الأكثر مبيعاً، والتي حكت فيها عن قصص ثمانية أشقاء وحياتهم العاطفية، في القرن التاسع عشر.
تقول كوين: إن الإلهام الأول لكتابة سلسلة رواياتها بدأ بدوق.
وتضيف: “من المؤكد أن شخصية سيمون ظهرت أولاً”، في إشارة إلى شخصية سيمون باسيت، دوق هاستينغز المضطرب والمثقل بالمشكلات.
وتتابع: “جئت بهذه الشخصية المعذبة، ثم فكرت في قرارة نفسي: حسناً، يجب أن يقع في حب امرأة ما من خلفية اجتماعية معاكسة تماماً، وتحذر من أن يحل الروبوت الآلي محل المؤلف وتنعدم المشاعر الإنسانية.
ويبدو أن تحذيرها هذا قد وقع فعلاً، وبدأ مع الأدب الياباني، فقد اعترفت الكاتبة اليابانية ري كودان بأنها استخدمت الذكاء الاصطناعي عند تأليف روايتها المستقبلية التي فازت مؤخراً بجائزة أدبية مرموقة في البلاد.
وفقاً لكودان، فإن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي ساعدها على إطلاق العنان لإمكاناتها.
ونالت الرواية التي تحمل عنوان “برج التعاطف في طوكيو” الإشادة باعتبارها “خالية من العيوب تقريباً” و”ممتعة عالمياً” من قبل بعض الحكام الذين منحوها جائزة أكوتاجاوا نصف السنوية يوم الأربعاء.
وتدور القصة حول بناء برج سجن شاهق في مدينة طوكيو المستقبلية التي يشعر مهندسها المعماري بعدم الرضا عن مجتمع المستقبل، ومطالبته المفرطة بالتسامح والاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي.
وخلال حفل أعقب الإعلان عن الفائزين بجائزة أكوتاجاوا، اعترفت الكاتبة البالغة من العمر 33 عاماً علنا بأنها استخدمت “الاستخدام النشط للذكاء الاصطناعي التوليدي” وأن “حوالى خمسة بالمائة من الكتاب اقتبس حرفيا الجمل التي تم إنشاؤها بواسطته.
ترى هل يولد هذا اللون من الابداع لوناً مقابلاً له من النقد اسمه النقد الآلي..وتضيع لذة القراءة والمشاعر والنقد.. مع الذكاء الاصطناعي وانعدام المشاعر، يبدو أن التصحر الإنساني قادم لا مفر منه.