الثورة – ديب علي حسن:
يبدو أن الغرب الذي وصل إلى التخمة في الكثير من القضايا التي تشغل بال المفكرين وكان الباب موصداً، إذ لا جديد له بعد أن استنفد أدواته في استعمار العالم.. ومن ثم قفز إلى الترويج أنه وصل حافة الإبداع الحضاري.. بعد هذا كله فتش عن نظريات جديدة، فكان كتاب فوكوياما نهاية التاريخ، ولاسيما بعد انهيار وتفكك الاتحاد السوفييتي وفقدان الغرب لما يسمى (العدو الاستراتيجي) الذي يحفز على توتير الجميع والعمل على حشدهم في معركته.
من منطلق أنه إذا لم يكن لدى الغرب ما يقوم به فهذا يعني أن التاريخ توقف، لأنه كما يعتقد هو المركز والمحرك لكل شيء.
بعد فوكوياما كانت نظرية صراع الحضارات لصموئيل هنتغتون..
والموجة الآن تعود إلى فكرة اضمحلال التاريخ مع كتاب: (فكرة الاضمحلال في التاريخ الغربي)، وهو من تأليف: ارثر هيرمان،
صدر الكتاب عن المركز القومي للترجمة، في مصر
يرى الباحث «إن فكرة الاضمحلال هي في واقع الأمر نظرية عن طبيعة ومعنى الزمن، وكذلك أيضاً فكرة التقدُّم، كما أن مفهوم التاريخ كتقدُّم أصبح اليومَ في موضع الشك، بالنسبة للمثقَّفين، وللمؤرِّخين خاصة، فقد أصبحوا يناقشون أصولَ وتاريخ «فكرة التقدُّم»، وكيف كانت بمثابة «أسطورة» ثقافية قوية في الفكر الغربي.»
يُعالج المؤرِّخ «آرثر هيرمان» في هذا الكتاب موضوعَين متوازيَين:
أوَّلهما: دراسة فكرة الاضمحلال في الغرب، وتتبُّع تاريخها، ورَصْد تحوُّلاتها وتغيُّراتها، وعلاقتها بالسياق الحضاري والاجتماعي والثقافي، بدايةً من الحضارة اليونانية حتى الآن.
وثانيهما: تحليل الوعي بالمصير من خلال استعراض النظريات الفلسفية حول مصير الحضارات، مثل نظريات كلٍّ من «نيتشه» و«توينبي» و«سارتر» و«فوكو» وغيرهم، مع دراسةٍ للوعي الذاتي بقضايا الإنسان في عصرنا الحالي الذي ظهرَت فيه فلسفاتٌ جديدة، مثل فلسفة البيئة وفلسفة التعدُّد الثقافي.
وقد قدَّم «هيرمان» في معالجته هذه تحليلًا نقديًّا لمستقبل الإنسان، ونقْدًا للصورة التي يكوِّنها الفكر الغربي عن العالَم في مرحلته الراهنة، كما ناقَش ما أُثير حول فكرة أُفول الغرب).
مما لاشك فيه أن فكرة اضمحلال التاريخ تخفي وراءها فكرة أن الإنسان العادي لم يعد له وجود مع فورة الذكاء الصناعي وبالتالي تحويلنا إلى مجرد ربوتات لا قيمة لها إلا بما تقدم من إنجازات مادية ومن ثم يعني التخلي عن كل القيم الروحية والإنسانية وهذه موجة خواء جديدة في العقل الإنساني.