الثورة – حلب – جهاد اصطيف:
يعد شهر رمضان المبارك فرصة لتعزيز العلاقات الاجتماعية عبر أنشطة عدة تميزه عن غيره من أشهر السنة، وكغيرهم، يحرص أهل حلب خلاله على الالتزام بعاداته وتقاليده الخاصة، ولعل الملاحظ في الشهر الفضيل لهذا العام تراجع ما يعرف بموائد الأرحام لأسباب متنوعة، فماذا عنها ؟
زيادة في الأجر
مدرس شريعة قال لـ”الثورة”: إن صلة الأرحام ليس لها وقت محدد، ولكن الناس اعتادت في شهر رمضان المبارك أن يقيموا هذه الموائد للأرحام زيادة في الأجر، ولكن في وقتنا الحاضر، يبدو أن الناس اتجهت إلى اتباع أساليب مغايرة، كما فعلت حقيقة العام الماضي أثناء كارثة الزلزال، وتبعتها بحلول الشهر الفضيل، لتتكرر في رمضان الحالي، بترتيب سلل غذائية بقيمة محددة ، يتفق أصحاب المبادرات مع أصحاب المولات أو المحال التجارية بتجهيز المطلوب من مواد غذائية على الأغلب وبأصناف معينة، ليتم توزيعها على الأسر المستهدفة ، وأحيانا تكون المبادرة مصحوبة بالمال، إلى جانب السلة الموزعة.
وأضاف: هذا الأمر يكسب كل الثواب، ولكن تبقى مسألة صلة الأرحام مطلوبة، بمعنى يجب على الإنسان أن يقتصد في نفقاته وأن يتصرف ما يشاء ضمن الأصول، ولكن ليس على حساب صلة الأرحام، يجب ألا نقطع عادة طيبة، وأن نجتهد في هذا الشهر لزيادة الأجر والثواب، وأن نقيم الموائد لأرحامنا، وهذا لا يعني أن تكون بإسراف، فالمقصد من إقامة تلك الموائد هو الجمع الطيب للأقارب والأرحام، ليستأنسوا ببعضهم، وليس المقصود الأرحام بقدر ما هو زيادة الألفة والمحبة.
الوضع الاقتصادي
ويرى العديد ممن التقيناهم أن البعد الاقتصادي والتكاليف التي تفرض علينا تأخذ بعدا يتعلق بالواقع المعيشي بشكل عام.
وتابع هؤلاء، بالنسبة لنا، فالمعاناة مستمرة من حيث صعوبة الظروف، حيث الأجور قليلة، والقدرة الشرائية تراجعت بشكل مخيف، ومستويات الأسعار مرتفعة، وكل ذلك له علاقة بظروف داخلية وخارجية، وهي بالنهاية اقتصادية بحتة، ونتيجة للمتطلبات الكبيرة، خاصة في شهر رمضان المبارك، الأمر يتحول إلى عبء مادي كبير بسبب مجموعة من العوامل الاجتماعية..
وتابعوا بالقول: إن الكثير من التجار يسعون لاستغلال الشهر الفضيل، وهذا أسوأ ما في الأمر، فبدل التخفيف عن الناس، فإنهم يحاولون استغلال الظروف رغم تأكيدات الحكومة على تشديد الرقابة، عكس الواقع، لأن أحداً ما لم يلمس للإجراءات المتبعة أي تأثير يذكر ! .
واعتبروا أن تراجع الحضور بالنسبة لموائد الأرحام الرمضانية ليس له علاقة بالوضع الاقتصادي، وإنما هناك بعد اجتماعي يفرض نفسه على المواطن الحلبي كغيره من المواطنين الذين يجدون أنفسهم مجبرين على إعداد تلك الموائد تحت ضغوط العادات والتقاليد، مدفوعة بالبعد الديني الذي يؤكد على صلة الأرحام بالدرجة الأولى.