الثورة – دمشق – ميساء العلي:
يتفق الجميع على أهمية توجيه الدعم ومراجعة سياسات وآليات الدعم من خلال موازنة الدولة وضبط الإنفاق الاجتماعي عبر آليات جديدة ومبتكرة، وربط الدعم بالاستهداف والتصنيف ورصد الفئات الاجتماعية المستحقة.
ولا يعني إعادة توجيه الدعم التخلي عنه، إنما هو عملية لتأكيد الدعم والاستمرار فيه ولكن وفق ضوابط وشروط محددة.
دور الدولة هنا يجب أن يكون نحو تلك الشرائح الاجتماعية المستحقة، كما يقول الأستاذ في قسم المصارف والتأمين بكلية الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور رغيد قصوعة، ورأى أن تجربة الدعم في سورية كانت فاشلة والدليل المشكلات الكثيرة التي ظهرت عند قلة موارد الموازنة العامة للدولة، ففي سنوات ما قبل الحرب لم تظهر عيوب الدعم حينها كون الموارد المالية كانت جيدة.
وأضاف قصوعة في حديث خاص لـ “الثورة”: إن الدعم مرتبط بالفساد، فهناك طبقات معتاشة عليه ومستفيدة، مشيراً إلى أن هناك قاعدة اقتصادية أساسية تقول أي سلعة لها سعران يعني أن هناك فساداً لأن السوق لن يكون متوازناً في ظل وجود سعرين فيصبح الاقتصاد مراجحاً.
الدعم ردم فجوة مؤقتة
وتساءل هل الدولة ستقدم دعماً لجميع طبقات المجتمع والجواب بالطبع لا، فالدعم بأساسه هو ردم فجوة مؤقتة ما بين الدخل والاستهلاك وما بين الحاجة والدخل، فعندما يصبح الدعم حالة دائمة يخلق طفيليات تعتاش عليه من دون إنتاج أو عمل.
وتابع كلامه: المهم أن نعرف أشكال الدعم الذي ستقدمه الدولة وكيف ستقدمه وهنا المشكلة لأنه لا يوجد رقم دقيق عن الطبقات المحتاجة على الرغم من سهولة الحصول عليه، فعلى سبيل المثال شريحة الصناعيين والتجار ليسوا بحاجة لدعم وأيضاً شريحة أصحاب الحرف والمهن، فعند أي تضخم يستفيدون من الزيادة التي تضاف على أجور السلعة، وبالتالي بقي لدينا فئة بسيطة من الموظفين وليس كلهم فهناك منهم من يستفيد بشكل أو بآخر.
قصوعة قال: إن راتب الموظف حالياً يكفيه أجرة الطريق ليصل إلى عمله.
بحاجة لرقم إحصائي
وأضاف: إننا أصبحنا اليوم نقول (مدعوم- وغير مدعوم) وفق معايير للأسف غير دقيقة لذلك نحن بحاجة إلى مسح نفقات ومسح اجتماعي للوصول إلى رقم دقيق للشرائح المجتمعية التي يجب أن توجه الدولة الدعم إليها بشكل مباشر.
والحل بحسب الأستاذ الجامعي يحتاج إلى تفكير معمق بشكل الآليات التي يجب أن تتوجه الدولة إليها لإعادة الدعم وهذا بحاجة إلى رقم إحصائي دقيق ومعرفة الموارد المالية المتاحة لتحديد تلك الشرائح وقبل ذلك كله لابد من إصلاح الرواتب والأجور في القطاع العام.
خطأ حسابي
ولفت إلى أن بند الدعم في الموازنة العامة للدولة حسب تصريحات المسؤولين أكبر من الموازنة ذاتها وهذا ما يؤكد وجود خطأ حسابي، فعلى سبيل المثال نقول إننا ندعم الخبز بمبلغ ما وفي حسابات الدعم تدخل المحروقات أيضاً.
وأشار إلى ضرورة توجيه مبالغ الدعم في الموازنة للشرائح الأكثر هشاشة كمرحلة أولى على الأقل، ليختم كلامه بالقول: أي هيكلة جديدة للدعم إذا لم تُبن على آليات واضحة لن نستفيد منها وسنكرر نفس الخطأ السابق.