الثورة – ديب علي حسن:
لا أدري كيف نسوق وننشر فكرة أن الإعلام هو صوت الحقيقة وأنه يجب عليه أن يكون الصوت الذي يتحدى كل شيء..
ترى هل هذه المقولات صحيحة حتى عند من يتاجر بها ويطلقها، وأعني الغرب الذي عمل على هذه الدعاية وما زال ليؤسس بمقولة باطلة، مفادها أن كل إعلام وكل خبر ليس هو مصدره ليس بذي مصداقية ولا قيمة له.
بمعنى آخر أيها العالم غير الغربي كما تستورد كل شيء من عندنا عليك أن تستورد أخبارنا وتأخذ بما نقول، وليس لك أن تناقشه.
هذه الفلسفة الغوغائية ركن من أركان صناعة الخوف والتضليل وهي موجهة أولاً إلى المجتمعات الغربية وقد تم تطبيقها عليها ثم نقلت إلى العالم.
نعوم تشومسكي- اللغوي والمفكر الأميركي- يشير إلى ذلك في كتابه المهم (هيمنة الإعلام..الإنجازات المذهلة للدعاية) ترجم الكتاب إبراهيم يحيى الشهابي وصدر عن دار الفكر في دمشق.
يقف عند محطات من تاريخ صناعة الخوف والدعاية المبكرة في الغرب وكانت في عهد إدارة الرئيس ويلسون الذي كان يطرح شعار “سلام دون انتصار”.. لأن الشعب الأميركي كان نزاعاً إلى السلام وكان لا يرى سبباً في التورط في حرب أوربية.
وكانت إدارة ويلسون التزمت فعلاً بالحرب ولا بد من دخولها، ولذا يجب تهيئة الشعب لها.
فأسست لجنة دعاية حكومية أطلق عليها اسم لجنة (كريل) نجحت في غضون ستة أشهر أن تقلب الشعب ذا النزعة إلى الهدوء باللاعنف إلى شعب هستيري يتاجر بالحرب ويروج لها ويريد تدمير كل شيء ألماني وتمزيق ألمانيا إرباً إرباً.
ويطالبون بدخول الحرب لإنقاذ العالم.. كان ذلك إنجازاً عظيماً للجنة قاد إلى إنجاز آخر لإثارة الخوف من الرعب الأحمر الهستيري، كما كان يسمى والذي نجح إلى حد كبير في تدمير الاتحادات والنقابات.
من بين الذين أسهموا بنشاط في ذلك (جون ديوي).. وكان من الذين يسمون أنفسهم المجتمع الأكثر ذكاء ومهمتهم توجيه تفكير معظم العالم نحو ما تريده دولهم.
وخلصت إلى القول: إن دعاية الدولة عندما تدعمها الطبقات المثقفة وعندما لا يسمح لها بالانصراف عنها تستطيع تحقيق نتائج كبيرة.. العمل جارياً بهذه القاعدة التي يطورونها باستمرار.. لقد زرع الإعلام الغربي الخوف في نفوس الجميع من انتفاضة الطلاب بوجه الكيان الصهيوني وانتظر حتى أدت أدواته دورها وهيأ الرأي العام ضدهم وكان ما جرى.
إنه أعلام التضليل ولكن يمارسه بتقنيات وذكاء ومع ذلك فهو عار ومكشوف..
الحقيقة التي يجب أن تقال إن الإعلام هو الآن ذروة العلوم وأشد أدوات الحرب فتكاً.. سلاح لا يستطيع إدارته والعمل به إلا كل من يعمل ويطور أدواته ويعرف أساليب الحرب النفسية والاجتماعية..
سلاح ركناه المال والتقنيات وطلقاته الرسالة المعدة باحترافية عالية… فهل نحن نفعل ذلك..
الجواب لديكم… لا تقولوا حرية إعلام.
الإعلام خادم الأهداف التي يريدها من يموله، وهنا نكون أمام طبيعة الأهداف هل هي خيرة أم شريرة..؟