مع أجواء العيد المبارك الذي حلّ علينا اليوم ببركاته ومعانيه السامية – كل عام وأنتم بخير – نعيش في سورية أجواء صاخبةً من عدة اتجاهات، أجواء توحي بعضها بفاعلية إيجابية تارةً، وبفاعلية سلبية لبعضها الآخر تارة ثانية.
ففي هذا اليوم نقف على عتبات استحقاقات عديدة أمامنا سنخوضها في الأيام القليلة القادمة، استحقاقُ مجلس شعبٍ انتهت ولايته، وبالتالي مجلس شعبٍ جديد تجري استعدادات الدخول إلى مرحلة انتخاباته على قدمٍ وساق.
واستحقاق حكومة بحكم المستقيلة خلال أيام لانتهاء ولايتها دستورياً بعد إجراء انتخابات مجلس الشعب، ما يعني أننا عند إنجاز الانتخابات في 15 تموز القادم سنحظى أخيراً بحكومة جديدة.
ثمة معطيات عديدة تشير إلى أن آمال الكثير من السوريين تتفتح رويداً رويداً مع هذا التجديد الدستوري لمجلس الشعب الذي بذل جهوداً وتعب خلال السنوات الأربعة الماضية غير أنه – وبصراحة – لم يكن ملبياً لطموحات ناخبيه، وكذلك استحقاق التجديد للحكومة التي استطاعت أن توفر الرخاء لأعضائها – مثلما يرى الجميع – والرفاهية للمقربين منها، في حين أفلحت بنقل أغلبية المواطنين الآخرين من حالة الفقر إلى حالة الفقر المدقع الذي كان نتيجة طبيعية لإجراءاتها القاسية بل والجائرة بحق مواطنيها ولاسيما لجهة عدم تردّدها بسلسلة قرارات ارتفاع الأسعار، وارتفاع تكاليف خدماتها دون أن يقابل ذلك مراعاة حقيقية لإحداث توازنات في الدخل تغطي تلك الارتفاعات للأسعار، ففي حين تضاعفت الرواتب والأجور منذ بداية الأحداث عام 2011 نحو 15 ضعفاً، من 20 ألف ليرة إلى 300 ألف ليرة وسطياً، فإن القيمة الشرائية لهذا الدخل الجديد انحدرت عما كانت عليه أكثر من 19 ضعفاً سلبياً، وذلك من 20 ألف ليرة إلى 1020 ليرة مقوّمة على سعر صرف الدولار، أي من يقبض اليوم 300 ألف ليرة فإنه كمن كان يقبض 1020 ليرة في عام 2011، وعلى العموم فإن وسطي الرواتب حتى يستقر وضعها مثلما كانت قبل الأحداث فيجب أن لا تقل وسطياً عن خمسة ملايين و 860 ألف ليرة، كي توازي ما كانت توازيه من القطع الأجنبي قبل الأحداث والبالغ وسطياً في تلك الأثناء 400 دولار للعشرين ألف ليرة..!
على كل حال آمال الكثير من السوريين تتفتّح رويداً رويداً مع هذا التجديد الدستوري لمجلس الشعب وللحكومة، على أمل أن يجدوا في الطاقم الجديد ( تشريعياً وتنفيذياً ) فسحة تفاؤلية تنقذ البلاد من الحالة المأساوية التي تعيشها، أو على الأقل تخفف من تلك الحالة.
الذي لا شك فيه هو أن العقوبات والحصار ونهب ثروات النفط والغاز والثروات الزراعية شرق الفرات، فعلت فعلها العميق بتردّي الأوضاع هذا صحيح، ولكن الصحيح أيضاً هو أننا لم نكن بمستوى استثمار هذه المحنة كي تكون حافزاً لاجتراح ما أمكن من الحلول، بل صارت تلك الحالة شماعة تبريرية جاهزة للتحرك على أوهام أن لا حول لنا ولا قوة .. ولكننا في الحقيقة نمتلك الكثير من الحَولِ والقوة والقدرة والامكانيات الذاتية التي لو استثمرت جيداً لخفّضنا أكثر من نصف ما نحن عليه على الأقل من هذا المشهد السوداوي الذي نعيشه اليوم.
فهل يسعفنا المجلسان الجديدان ( للشعب والوزراء ) ببشائر جديدة تقوم على تغيير نمط التعاطي مع الوقائع بالشكل المعاكس للنمط السائد اليوم أملاً بانعكاس النتائج الفجائعية علّنا نحلمُ لاحقاً بعيد يكون بالفعل سعيد ..؟

السابق
التالي