بين الجد والهزل، تمضي بنا الأوقات تسير في اعتيادية لا نهتم بتقييمنا لها، إلى أن يحين أوانٌ ما، أو حدثٌ، وربما مقارنة يضج بها ذهننا في لحظة مراجعة للذات، حينها يتغير معنى الوقت، خاصة ونحن نقترب من الأعياد، فيها سر يجعلك تتعاطى مع الوقت بفلسفة مختلفة.
في لحظة يبدو الحال مبهماً، فمع تسارع الوقت وازدحامه بكل ما يبهج من تدفق الحلوى والألوان يشبه الأمر ذلك اللحاف الذي كانت تحيكه الجدات من بقايا أقمشة ملونة تتصارع فيه الألوان لتجلب السعادة لمن يقترب منه.
ولكن حين تحيط بنا الأزمات نفتقد إلى دفء اللحاف لنبدو كمن احتفظ بالقصاصات وأضاعه، لنشعر بأهميته بعد أن تركت أجسادنا معرضة للسعات الشمس أو برودة الطقس، بينما ذهننا يغيب قسراً في سحب واقعية تبعدنا عن فلسفة لو اعتنقناها لما شعرنا بكل تلك التقلبات.
ولكنه أوان مغاير، لا معنى للتمرد فيه على الواقع المعاش لأنه مجهز للتسليع، تتكاثر البضائع في أوقات الأعياد وبالطبع لا نعتقها بل قد نتهافت عليها لتحيط بنا من كل جانب، امتلاكنا لها لا يمنحنا سوى متعة آنية بعدها نصبح جاهزين للالتفات بعيداً عن كل ركام الإشباع الذي يمنحنا سعادة زائفة.
في الأعياد نحتاج روح ننقلب فيها على الماديات ولو آنيا نتجه نحو درب حتى لو ضاق بنا وشعرنا للوهلة الأولى بمتاهة الأوقات الصعبة، إلا أن الرضا والقناعة أننا سنتجاوزها يفضي بنا إلى علاقة ودية معها كأننا نتعاطف ونتصالح مع أقدرانا في عز قسوتها، مما يمنحنا فرصة كبرى لتجاوزها دون عراك يفضي بنا إلى دروب موحشة.
