بقلم – خالد امقيدح
من منتدى الرياض إلى قلب سوريا.. الثقة تتحول إلى قوة وطنية
في الجلسة الحوارية التي عُقدت مساء الأربعاء الماضي ضمن فعاليات منتدى الاستثمار في الرياض، سُئل الرئيس الشرع عن رهانه الأكبر في المرحلة المقبلة، فأجاب بثقة واضحة وصوتٍ حمل نبرة الإيمان: “أراهن على شعبي”.
كانت تلك اللحظة أكثر من عبارة؛ كانت إعلاناً وطنياً صادقاً عبّر فيه الرئيس عن جوهر فلسفة الدولة السورية الجديدة التي تتكئ على شعبها كقوة حقيقية، لا كشعار سياسي.
واليوم، لا يحتاج هذا الرهان إلى وقتٍ طويل ليُثبت صدقه، فالشعب السوري أثبت أنه كان على قدر الثقة، وأن الرئيس أصاب تماماً حين راهن على وعيه وإرادته.
لقد واجه الشعب السوري أعتى نظام عرفه التاريخ الحديث، نظام الأسد المخلوع الذي قصف المدن بالبراميل واستعان بالميليشيات لإخماد صوت الناس المطالبين بالحرية والكرامة.
ومع ذلك، ظلّ السوريون صامدين رغم الجراح، متمسكين بحقهم في بناء وطنٍ جديدٍ تسوده العدالة ويُصان فيه الإنسان.
الشرع لم يتحدث بالأمنيات، بل بلغة واقعية متوازنة، فحين أشار إلى أن القوانين الاقتصادية الحديثة لا تكفي وحدها لنهضة الاستثمار من دون مؤسسات فاعلة وكوادر مخلصة، كان يدرك أن الإنسان السوري هو محور النهضة وشرطها الأول، لذلك جاء رهانه على الشعب بمنزلة رهان على القيمة الإنسانية والفكرية للمواطن السوري الذي لم تهزمه الصعاب.
ومنذ سقوط الحواجز النفسية بين الدولة والمجتمع، بدأ السوريون يبرهنون بالفعل أن الرهان في مكانه الصحيح، فقد عاد الأمل إلى بيئة العمل والإنتاج، وتحوّلت المبادرات الصغيرة في المدن والقرى إلى مشاريع حقيقية تدعم الاقتصاد وتنعش روح المشاركة، وكذلك في المبادرات المجتمعية وحملات جمع التبرعات في المحافظات مثل أبشري حوران، وأربعاء حمص، ودير العز والوفاء لإدلب.
في ذلك المشهد، بدت كلمات الرئيس الشرع وكأنها صدى لقوله تعالى: ﴿سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ﴾، فكما شدّ الله أزر موسى بأخيه هارون، يشدّ اليوم الشعب عضد قيادته، ويمنحها من قوته وإيمانه ما يجعل الرهان يتحول إلى إنجاز.
لقد أصاب الرئيس الشرع حين اختصر فلسفة القيادة في رهانٍ واحد: رهان على الإنسان، فالرهان على الشعب يعني الإيمان بقدراته، احترام وعيه، وتحرير طاقاته.
ومن تابع ردود الأفعال في الداخل السوري بعد جلسة الأمس، لمس فوراً موجة من التفاؤل والثقة بأن البلاد تمضي نحو مرحلة جديدة يكون فيها الشعب شريكاً لا متفرجاً، وصانعاً لا تابعاً.
ما قاله الرئيس الشرع في الرياض لم يكن موجهاً للمستثمرين فقط، بل كان رسالة مزدوجة للداخل بأن الدولة ماضية في تمكين الإنسان وإعادة بناء الثقة، وللخارج بأن سوريا الجديدة تمتلك شعباً هو أكبر ضمانة للاستقرار والتنمية، فقد أثبتت التجربة أن الدول لا تُبنى فقط بالخطط، بل بالعزائم والإيمان المشترك بين القيادة والشعب.
ومع كل خطوة عملية تُتخذ اليوم في دمشق وحمص واللاذقية وحلب، وكذلك في المبادرات المجتمعية وحملات جمع التبرعات في المحافظات مثل أبشري حوران، وأربعاء حمص، ودير العز والوفاء لإدلب، يظهر أن هذا الرهان بدأ يتحول إلى حقيقة وطنية ملموسة، فالشعب السوري الذي واجه القصف والدمار بإيمانٍ راسخ وإرادةٍ لا تنكسر، يبرهن الآن أنه قادر على النهوض والبناء من جديد، وأنه لم يفقد إيمانه بنفسه وثقته بمستقبله.
لقد كان الرئيس الشرع محقاً تماماً حين قال إنه يراهن على شعبه. أصاب الرهان لأنه آمن بالإنسان قبل البنيان، وأصاب الرهان لأنه رأى في العقول والقلوب السورية طاقة لا تنضب، وأصاب الرهان لأن الشعب ذاته قرر أن يكون جزءاً من صناعة الحل لا انتظار المعجزة.
وفي النهاية، يمكن القول إن ما جرى في منتدى الرياض لم يكن مجرد جلسة حوارية تطرح رؤية سوريا الاقتصادية والسياسية، بل حدث وطني رمزي حمل معه بداية مرحلة جديدة في العلاقة بين القيادة والشعب. مرحلة قوامها الثقة، وسلاحها الوعي، وشعارها أن سوريا تنهض بسواعد أبنائها لا بمعجزات الآخرين.
اليوم، من دمشق إلى الرياض، يتردد صدى العبارة التي تحوّلت إلى حقيقة: الرئيس راهن على شعبه… والشعب ربح الرهان.