الثورة – ميساء العلي:
رفع أسعار تعرفة الكهرباء قرار تفرضه ظروف اقتصادية صعبة، لكن تداعياته تمس شرائح واسعة من المجتمع وتؤثر سلباً على القطاع الإنتاجي، مما يتطلب سياسات مرافقة تخفف من آثاره وتعمل على إيجاد حلول هيكلية لأزمة الطاقة التي تعاني منها البلاد.
بالتأكيد، فإن أزمة الكهرباء في سوريا تشكل واحدة من أكثر التحديات الاقتصادية والاجتماعية إلحاحاً، إذ سيؤدي رفع أسعار تعرفة الكهرباء وفق نظام الشرائح إلى تداعيات متعددة المستويات على المواطن وتحديداً أصحاب الدخل المحدود الذين باتوا يشكلون نسبة كبيرة من المجتمع.

مرتفعة جداً
يقول مهندس الطاقة معتز عبد اللطيف إن نظام الشرائح يعتمد على تقسيم استهلاك الكهرباء إلى مستويات متعددة، حيث يزداد سعر الكيلوواط ساعة مع زيادة الاستهلاك، مما يجعل الأسر والمنشآت ذات الاستهلاك المرتفع تدفع أسعاراً أغلى.
وأضاف عبد اللطيف في تصريح لـ”الثورة” أن الشريحة الأولى تعتبر مرتفعة جداً قياساً لدخل المواطن، لافتاً إلى أن هناك استخدامات منزلية أساسية لا تستطيع الأسرة التخلي عنها وبالتالي تحولت إلى كماليات.
وقال: نعلم جميعاً وضع الكهرباء ونسبة الفاقد الذي يصل إلى أكثر 40بالمئة، إلا أن الحل يجب أن يكون بطريقة مختلفة تحقق استقراراً للطاقة، وبنفس الوقت لا تؤثر على المواطن الذي سيدفع أكثر من 20 بالمئة من ميزانيته فاتورة كهرباء.
العبء الأكبر
من جانبه يقول الخبير التنموي محمد سلوم حول التأثير على المواطن جراء نظام الشرائح المرتفع إن العبء المالي سيزداد من خلال زيادة حصة فاتورة الكهرباء من إجمالي الدخل الشهري للأسر، وبالتالي تضاؤل القدرة الشرائية للمواطنين مع تآكل المداخيل وتحول الكهرباء من خدمة أساسية إلى سلعة كمالية لدى الأغلبية.
ولفت في حديثه لـ”الثورة” إلى تأثر الأسر محدودة الدخل بشكل أكبر بنظام الشرائح، مع تفاوت التأثير بين المناطق الجغرافية المختلفة.
حلول
ويقترح سلوم مجموعة من الحلول منها قصيرة الأجل من خلال تحسين توزيع ساعات التغذية وتقديم دعم مباشر للأسر محدودة الدخل، في حين الحلول المتوسطة الأجل يراها من خلال الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة، وتحسين كفاءة شبكة التوزيع الكهربائية.
وعن الحلول طويلة الأجل ستكون، بحسب سلوم، من خلال إعادة تأهيل محطات التوليد الكهربائي وتنويع مصادر الطاقة وتعزيز كفاءة استخدامها.
إشراك مجتمع الأعمال
بدوره يقول نائب رئيس غرفة تجارة دمشق السابق محمد الحلاق إنه ليس مع رفع تعرفة الكهرباء بهذا الشكل، وكان من المفترض رفعها بشكل تدريجي، وخاصة شرائح المنازل والأخذ بعين الاعتبار الموقع الجغرافي.
ورأى في تصريح لـ”الثورة” أنه لابد من تعزيز قروض الطاقة البديلة للمواطن والصناعي، مع إشراك مجتمع الأعمال في أي قرار اقتصادي لأخذ وجهة نظره حول القرارات الاقتصادية وتأثيرها على الإنتاج والسوق و بالتالي انعكاسها على المواطن.
دعونا ننتظر
بالعودة إلى الخبير التنموي سلوم الذي قال: دعونا ننتظر إجراءات الحكومة بهذا الصدد للحفاظ على المنظومة الكهربائية من خلال تركيب عدادات ذكية والحد من السرقات والهدر، وزيادة ساعات الوصل، ودعم الاستدامة في المنظومة الكهربائية، بالطبع كلها خطوات مهمة وضرورية، ويجب أن يلمس المواطن نتائجها بشكل واقعي وملموس خلال فترة قريبة.
ولفت إلى أهمية ضبط الهدر وتحسين الكفاءة الإدارية والفنية داخل المنظومة الكهربائية، وهو نوع من الإصلاح الذي لابد أن يحقق توازناً وعدالة بين متطلبات الدولة واحتياجات المواطن.
وعلى الرغم من ذلك كله، يرى سلوم، أن القرار لم يأتِ في الوقت المناسب في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن، لذلك فإن أي تعديل في الأسعار يجب أن يكون تدريجياً ومدروساً ويواكبه تحسن فعلي في الخدمة الكهربائية.
خبيرة تسأل
وكانت الخبيرة الاقتصادية الدكتورة رشا سيروب، قد نشرت على صفحتها الشخصية أنه وبعد رفع أسعار الكهرباء، ننتظر أن نسمع من وزير المالية أثر رفع أسعار الكهرباء على الإيرادات العامة للدولة، وعلى المستوى المعيشي للمواطنين، وعلى تنافسية الاقتصاد وخاصة القطاع الصناعي، وعلى أثره في معدلات التضخم، بالأرقام.
أخيراً
نتفهم ما تقوله الحكومة عن وضع المنظومة الكهربائية والفاتورة التي تدفعها للدعم، إلا أن أي قرار يجب أن تتم مناقشته بشكل مدروس ومع مختلف الشرائح المجتمعية، لتدارك الآثار الاقتصادية المحتملة، وخاصة بالنسبة لأصحاب الدخل المحدود في ظل ضعف القوة الشرائية، وعدم تناسب الأجور مع ارتفاع الأسعار.