الثورة- عدي جضعان:
كشف تصريح خاص لجريدة “الثورة” أدلى به الباحث في الشأن السياسي والأمني السوري، عصمت عبسي، عن تحول جذري في العلاقة بين قوات (قسد) والمكونات العربية في شمال شرق سوريا.
وأكد عبسي أن العلاقة انتقلت من مرحلة “التعايش القسري” إلى رفض مجتمعي واسع، مدفوعاً بسياسات “قسد” التي تُفسر على أنها تستهدف طمس الهوية الثقافية والسيطرة على القرار المحلي في المناطق ذات الغالبية العربية.
شرخ في الهوية والثقة
وأوضح الباحث أن سياسات “قسد” تضرب في عمق النسيج الاجتماعي للمنطقة، ففرض المناهج التعليمية، خاصة تلك ذات الطابع الأيديولوجي أو غير المعترف بها رسمياً، تُعتبر من قبل بعض العشائر العربية محاولة لـطمس هويتها الثقافية، كما أن حملات الاعتقال والمداهمات التي تستهدف شخصيات عشائرية ومعارضين محليين، تسهم في تصدع الثقة وتُفسر على أنها إقصاء ممنهج.
وشدد عبسي على أن هناك مؤشرات واضحة، استناداً إلى تقارير إعلامية، على أن العشائر بدأت تطالب صراحة بـالعودة إلى كنف الدولة السورية، بل وهددت بـمواجهة عسكرية ضد قسد.
سيطرة وتجنيد وتفاوض
وأشار عبسي إلى أن حملات الاعتقال والمداهمات تتجاوز الذرائع المعلنة بمكافحة الإرهاب، لتخدم أهدافاً سياسية واستراتيجية أبعد مدى، حيث كشفت تقارير ميدانية أن جزءاً كبيراً من هذه الاعتقالات يُستخدم لغرض التجنيد الإجباري أو كغطاء لـتصفية حسابات سياسية داخلية.
ويكمن الهدف الأبرز لهذه الحملات في إحكام السيطرة على القرار المحلي في المناطق العربية، لضمان عدم بروز قوى منافسة تهدد سلطة “قسد”.
ووصف عبسي هذه الحملات أيضاً بأنها تكتيك تفاوضي، تسعى “قسد” من خلاله لإظهار قدرتها على ضبط الأمن والسيطرة، ما يعزز موقفها أمام الأطراف الإقليمية والدولية.
مناورة ومظلة
وفي سياق علاقتها المعقدة والمترنحة مع دمشق، بيّن عبسي أن تحركات “قسد” تحمل بعدين رئيسيين، فهي تسعى إلى تسويق دمشق كتهديد محتمل للمكونات غير الموالية للنظام، وذلك لتبرير استمرار وجودها والحصول على دعم دولي مستمر، خاصة من الولايات المتحدة، وفي المقابل، تقدم “قسد” نفسها كـ”مظلة جامعة” تضمن حقوق كافة المكونات في المنطقة.
واختتم عبسي تحليله بأن هذا النهج يخدم استراتيجية “قسد” لـتسويق نفسها كقوة معتدلة في مواجهة التطرف أو الاستبداد، مما يضمن تدفق الدعم الخارجي الحيوي لها.
يذكر أن قوات (قسد)، وهي تحالف عسكري تأسس في أكتوبر 2015 في الحسكة، سيطرت على ما يقارب 27% من مساحة سوريا شمال وشرق نهر الفرات، وهي مناطق غنية بالنفط والغاز