الملحق الثقافي-غسان شمة:
على الرغم من الظلال القاتمة، والمرارات التي تعبر حياتنا بألوان مختلفة من المعاناة لكن روح الإنسان تبقى معلقة بقدرة سحرية، ومشدودة بقدرة من الأمل أو الوهم، واستخدموا ما شئتم من مصطلحات، نحو آفاق جديدة مهما بدت أضواؤها شحيحة أو بعيدة، ذلك أن نهر الحياة لا يتوقف عن التدفق في مجرى الوجود العابر لكل الأزمنة والأشكال والأفكار، ذلك أن روح الإنسان ستبقى ترفع صخرتها إلى الأعالي حتى لو سقطت مرة وراء أخرى فإن محاولة إعادتها إلى الأعالي هي النبض الصارخ في وجه الحياة ومن أجلها في آن معاً..
وعند التأمل في بعض التفاصيل «الصغيرة – والكبيرة» في آن معاً يمكن أن نلمح تلك الروح الوثابة باستمرار. ولعل الكتابة، بكل أشكالها، واحدة من تلك الصور التي تشير وتؤكد على كثير مما ذهبنا إليه، فالواقع اليوم يثير «الخوف» على الكتابة من موقعها الإبداعي لمصلحة الحياة الواقعية بتفاصيلها المثقلة بالهموم والآلام، لكن ذلك لا يمكن أن يمنع تدفق الدم الحار في شرايين الحضور الروحي الشغوف بالحياة وجمالياتها التي يشكل الإبداع الأدبي والفني أحد أهم ركائزها الوجودية..
ومن هنا من الطبيعي أن نحتفي بكل منجز جديد في عالم الكتابة باعتباره فعلاً حياتياً له تقديره الخاص ومحاولة جمالية لتغيير ولو تفصيل صغير جداَ في هذه اللوحة الكئيبة، ومن المهم أن يأخذ المنجز الإبداعي «الحقيقي» مكانته على مستوى النقد والتقديم . لأنه من الطبيعي أيضاً أن تمضي الكتابة ، شعراً ونثراً، في دروب مختلفة ومتباينة من حيث كم الإبداع الفني والفكري في تعالقهما المطلوب على مستوى الرغبة والتمني بالنسبة للكاتب والقارئ، وهو أمر يحمل مبرراته في داخله على مقياس حجم الموهبة والثقافة، لكن الأهم هو فعل الكتابة والتصميم على المضي فيه في زمن باتت القراءة في حدها الأدنى «المثير للشفقة»، وفي وقت باتت ممارسة الكتابة أقرب إلى حمل جمر في مجرى الروح..
الكتابة فعل وجود وحياة بالنسبة للكثيرين خاصة أولئك الذين يعبرون بها من الحاضر إلى حلم أفق جديد..
العدد 1201 – 13 -8-2024