الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
كم من «صبريّة» في مجتمعاتنا الشرقيّة، حُرمت من إكمال تعليمها وحُبست في المنزل للقيام بالأعمال المنزلية طوال حياتها، تعلّمها أمها مهارات الغسل، والطبخ، وجلب المياه، وتنظيف البيوت في المواسم المختلفة من الصيف والشتاء، لتتقن هذه الأدوار حتى وفاتها، وكم من «صبريّة» تربت على العيب والحرام والقمع في مجتمعنا الريفيّ وعلى خدمة الذكر، قد تكون عاقراً، أو عانساً أو مطلقة أو محرومة من حقها في الميراث، امرأة تسلب حقوقها الإنسانية، كل تلك القضايا وغيرها استطاعت الأديبة» ألفت الأدلبي» إيصالها بلسان بطلة روايتها «دمشق يا بسمة الحزن» متسائلة أوليست المرأة منبع الإلهام الحقيقي، وسحر الوجد، وغبطة الأزمنة؟! ذكرت الإدلبي هذه الأحاسيس والمشاعر بجرأة نادرة وبصراحة بالغة، وتميزت هذه الرواية بالمسؤولية الاجتماعية تجاه المرأة السورية في قالب فنّي رائع بتصوير مأساة المرأة الريفيّة وتعقيدات حياة النّساء بأسلوب بارع محاولة الأديبة من خلال أعمالها الروائيّة وخصوصاً روايتها هذه إثارة القضايا والمشاكل الاجتماعية وإصلاحها من جذورها، ودعت الناس في الدول العربية وخارجها إلى تحقيق العدالة الاجتماعية ورفض الظلم والطغيان والعدوان وترك التقاليد والعادات الباليّة والجائرة، واحترام حقوق الإنسان بعيداً عن جنسه ومعتقده ودينه ولونه وجنسيّته، الأديبة ألفت الإدلبي جاهدت جهداً عظيماً لتغيير نظرة المجتمع والارتقاء به.
وبالعودة إلى «صبريّة» وبتوّقها إلى الحرية، كتبت الإدلبي في الرواية على لسان بطلتها التي كانت محبوسة كما تحبس الحيوانات في القفص «أشعر أحياناً أنني كلبة جموح، مربوطة من عنقها بسلسلة مشدودة إلى وتد مغروس في هذا البيت العتيق، وكلما حاولت الكلبة الجموح الإفلات من قيدها ازدادت السلسلة انطباقاً عليها حتى انغرزت في لحمها، فكانت كلما تحرّكت يسيل دمها ويشتد ألمها، عقلي يرفض هذا النمط من العبودية ولكنني لا أستطيع التحرر منه».
العدد 1204 –10 -9 -2024