الثورة – متابعة عبد الحميد غانم:
لم يولد “طوفان الأقصى” من العدم، ولم يهبط على المشهد السياسي من كوكب نبتون، بل جاء رداً عربياً فلسطينياً أصيلاً على تاريخ من الإجرام اقترفه من هبط علينا من كوكب نبتون.
وإذا كان الصراع مع العدو الصهيوني قد تصاعد منذ عام 2008، فإنه لم يبدأ في ذلك العام، بل خاضت غزة تسعة حروب قبل عام 2008. وفي حرب الـ 67 مثلاً جرى تهجير ما بين 40 و45 ألفاً من أهل القطاع خارجه، وفي حرب الـ 56، استشهد 1200 غزي، وارتكب العدو الصهيوني مجزرتين كبيرتين في خان يونس ورفح.
الباحث الدكتور إبراهيم علوش – الكاتب الفلسطيني، يتناول في كتابه الجديد “طوفان الأقصى: قراءة في مشروعيته وسياقه وآثاره”
(لماذا طوفان الأقصى؟) وردود الفعل حوله وقراءة استراتيجية للاحتلال الصهيوني لفلسطين وقواعد الصراع مع العدو في غزة وجنوب لبنان ومع كل محور المقاومة في اليمن وجنوب لبنان وإيران وعموم المنطقة، والتداعيات الدولية والأمم المتحدة ومواقف محكمة العدل الدولية والخطاب الإعلامي المقاوم وقضايا نصرة غزة.
الباحث علوش يتناول الموضوع من كل الجوانب، وهو بحث متكامل في دراسة هذا الحدث وتأثيراته وردود الفعل حوله.
ويركز على هذا الحدث، للظروف التي مر بها، حيث يشير الدكتور علوش إلى أنه كثر التشكيك في عملية “طوفان الأقصى” الفذة في بعض الدوائر فلسطينياً، وخصوصاً على خلفية الدمار الواسع والمجازر الوحشية التي أرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة من بعدها، إذ أصبح واضحاً أن حكومة الاحتلال اتخذتها ذريعةً لشن حملة تهجير للغزيين مجدداً بعد ترك غزة غير قابلة للسكن حتى بالنسبة لكلاب غزة البرية التي نقلت تقارير إعلامية وفيديوهات شتى أن آلافاً منها نزحت عن القطاع المنكوب وغزت غلافه وراحت تفتك بمزارع العجول فيه وكل ما يقف في طريقها، كأنها نذيرٌ من الطبيعة بما سيلحق بالغزاة القدامى-الجدد للقطاع إن عاجلاً أو آجلاً، أو كأنها مثالٌ آخر على القانون الثالث للحركة الذي وضعه نيوتن بأن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومعاكسٍ في الاتجاه.
ويقول علوش :” كثر التشكيك بعملية “طوفان الأقصى” إذاً بأثرٍ رجعي، على خلفية غزو صهيوني جديد ومستمر منذ 7 تشرين الأول / أوكتوبر الفائت، حتى راح البعض يهمس بأنها جزء من “مؤامرة” على الشعب الفلسطيني هدفها تبرير الغزو الجديد، وهو غزو همجي كامل الأبعاد، لا عملية عسكرية محدودة فحسب، مع العلم أن إدانة عملية “طوفان الأقصى” البطولية، بجريرة ذلك الغزو بالذات، تصب في طاحونة نهج التعايش مع العدو الصهيوني والتنسيق أمنياً معه والاستخزاء له”.
ويضيف علوش: “المعركة أظهرت نقاط قوة مثل القدرات العسكرية التي تمتعت بها فصائل المقاومة الفلسطينية كافة والتفاف أهل غزة مع المقاومة وصمودهم ومساندة محور المقاومة من كل الجبهات إضافة للحراك الشعبي والطلابي في كل دول وجامعات العالم تضامناً مع شعبنا الفلسطيني ومقاومته الباسلة”.
ويذكر أن الكتاب صدر عن اتحاد الكتاب العرب في دمشق هذا الأسبوع، وهو بعنوان كتاب “طـــوفان الأقــصى”: قراءة في مشروعيته وسياقه وآثاره، من تأليف د. إبراهيم ناجي علوش.
يقع الكتاب في 295 صفحة من القطع المتوسط تضم 23 فصلاً تغطي خلفيات الطــوفان وآثاره المباشرة وبعيدة المدى، وجبهات الإسناد والديناميكيات التي أطلقتها، وموضوع إيران والأنظمة العربية، ولماذا يهم البرنامج السياسي الذي نستند إليه في دعم الطــوفان، وتضم تقييماً للعمل من خلال “الشرعية الدولية”، ومقترحاً لكسر الجمود في الشارع العربي، إضافةً إلى عناوين أخرى متصلة بهذا الحدث المفصلي في تاريخ فلسطين والمنطقة والعالم.