الثورة – ترجمة رشا غانم:
يفكر السوريون الذين فروا من عهد بشار الأسد الإرهابي الآن في العودة إلى ديارهم، حيث تبدأ البلاد فصلاً جديداً من الحياة.
فبعد وقت قصير من بدء الحرب السورية في عام 2011، غادر جهاد عبدو، الممثل المعروف في العالم العربي، منزله في دمشق.
وبعد أن نُقل عنه انتقاد الفساد الحكومي في مقال نشرته صحيفة لوس أنجلس تايمز، استُهدف بسلسلة من الرسائل الهاتفية التهديدية من متصلين يزعمون أنهم ضباط كبار في الجيش السوري السابق، حيث أن مغادرة سورية تعني أيضاً ترك شقيقه الأصغر ووالديه المسنين، ولكن وسط تصاعد الترهيب، شعر عبدو أنه ليس لديه خيار آخر.
وقال عبدو (62 عاما):” الهواء أصبح خانقاً في دمشق مع التهديدات المتكررة، البلد الذي أحببته تحول إلى سجن حيث كان القول بالحقيقة خيانة والأمل يشبه الجريمة”.
وقد كانت زوجته، فاديا عفاشي، تناشد زوجها للانضمام إليها في الولايات المتحدة من أجل أمانه، حيث كانت في منحة، وقد كان يعتقد بأن مكانته الشهيرة قد تمنحه بعض الحماية، ليدرك لاحقاً أن شخصيات بارزة كانت عالقة في حملة بشار الأسد المخلوع ضد المعارضة.
وفي النهاية، فر عبدو للانضمام إلى عفاشي في لوس أنجلوس، واصفاً قرار المغادرة بأنه أحد أصعب القرارات التي اضطر إلى اتخاذها على الإطلاق.
وفي كاليفورنيا، اضطر الممثل، الذي تشمل مسيرته الفنية 40 فيلماً سورياً وأكثر من 1000 حلقة تلفزيونية، إلى البدء من جديد، والعمل كسائق توصيل بيتزا وتغيير اسمه إلى “جاي” كأكثر استساغة.
وعلق بلوعة:” لقد فقدت كل شيء تقريباً-الآباء، والمهنة، والأصدقاء، والذاكرة وحتى قطتي، كنت ممزقاً بين الامل والفشل، وبين مستقبل مشرق ومصير مظلم “.
ومثل العديد من السوريين، لم يعتقد عبدو وعفاشي أبداً أنهما سيشهدان نهاية نظام الأسد، ولكن بعد حملة خاطفة في وقت سابق من هذا الشهر، أطاحت قوات الثوار بالرئيس السوري المخلوع، الذي فر إلى روسيا بعد 13 عاماً من تعذيب وسجن وتشريد الملايين من شعبه.
وقال عبدو:” أنا حر بطريقة لم أجرؤ على الحلم بها حتى، ليس في تلك الأيام التي همست فيها جدران وطني بالخوف والخيانة، والٱن أستطيع أن أصدق أن الطاغية قد رحل وأن الكابوس قد انتهى”.
وبعد أكثر من عقد في المنفى، يفكر الزوجان، مثل العديد من السوريين الآخرين في الخارج، في إمكانية العودة إلى الوطن، مهما كان شكل المنزل الآن.
توفيت والدة عبدو ووالده في عامي 2016 و 2018 على التوالي، ولم ير شقيقه، باستثناء المكالمات الهاتفية.
وتمكن كل من عبدو وعفاشي من بناء حياة جديدة في الولايات المتحدة، وعادت مهنة عبدو التمثيلية في النهاية إلى المسار الصحيح وعمل جنبا إلى جنب مع نيكول كيدمان، في ملكة الصحراء، وتوم هانكس.
يذكر أن عفاشي، هي ناشطة في مجال حقوق المرأة، وهي الآن مواطنة أمريكية، لكنها وضحت بأن “ندوب النزوح” لا تزال قائمة، وعلقت قائلة:” أجد نفسي ممزقة بين بلدين، أحدهما بنيت فيه حياة، والآخر سيظل دائما جذوري.”
هذا وأعرب عبده عن امتنانه لتضحية الشباب الذين تجرؤوا على مواجهة الأسد المخلوع.
وختم عبدو:” أطالب برؤية النساء يتخذن القرارات، والسوريون من جميع الأعراق والاختلافات الدينية والطوائف يجلسون معا لتبادل الأفكار حول مستقبل مشرق لهذا البلد”.
المصدر- الغارديان