الثورة – سعاد زاهر:
ما هو الدور الذي تؤديه مواقع التواصل في عوالم الأدب بمختلف تخصصاتها…؟
بما أن مواقع التواصل منصات متاحة للجميع، بالطبع خلقت واقعاً أدبياً مختلفاً عن الواقع الأدبي التقليدي الذي اعتدناه سابقاً، منها ظواهر إيجابية، ومنها السلبي، وما بينهما لايزال الأدب يعيش بين الانغلاق والانفتاح، وبين الهذر والسطحية وبين محاولات دفع بكل هذا التمدد المشوه نحو ركن عل الأدب العميق يلقى صدى على المواقع قبل أن يطغى أدعياء الأدب ويرسخون مكانة لا تتزعزع.
هل يتمكن الكاتب الموهوب من ترسيخ وجوده ولفت النظر، أو أنه يتوازى مع آخر لا يتقن سوى بعض الكلمات ليكررها أينما اتجهنا على صفحاته، ومع ذلك يحظى بتكريم يبدو في زخم اللايكات والإعجابات تغدق عليه من قبل أشباهه لمن يروجون لنوعية معينة من التواجد الغث.
هنا نشعر بخطر يتهدد الأدب، لأن سيطرة الرداءة والتسويق لها بكثافة تخلخل ميزان التذوق بل وتؤثر على بديهيات الأدب حين كانت دور النشر لا ترضى بنشر كتاب رديء وإن ضلت إحداها وفعلت فإنه يجد نفسه في مرمى نيران النقد، مما يجعل هذه النوعية من الأعمال الأدبية تتراجع إلى الحد الأدنى.
ولكن ضمن هذه المعطيات المتغيرة هل فقد الأدب نخبويته؟
لطالما كان الأدب نخبوياً، ولعله اليوم يحافظ على هذه الميزة وهو أمر لا يضير العوالم الأدبية بشيء لطالما عانى الأدباء عبر العصور من عدم نيل قيمتهم الحقيقية والكثير منهم أخذ قيمته الفعلية بعد رحيله، ولعل مواقع التواصل تنجي المبدع من النخبوية إن تمكن من التعاطي مع مفرداتها بسبب المساحة الواسعة للنشر والتفاعل والتواجد اليومي.
ربما ما نحتاجه أكثر من أي وقت مضى هو الظهور المتكرر للأدباء الحقيقيين بحيث يطوعون تلك الوسائل لمصلحة إبداعاتهم، مع إعطاء دور مهم للنقد، فوجود الأخير يعيد تقييم النتاجات الضحلة وقد ينجح في تهميشها.