الثورة – ترجمة هبه علي:
في الثامن من كانون الأول 2024، أطاح التحالف الثوري بقيادة هيئة تحرير الشام بنظام الأسد في سوريا، وأصبح انهيار الدكتاتورية العائلية ممكنا بفضل التحولات في ديناميكيات القوة الإقليمية والدولية، وشملت العوامل الرئيسية الدعم التركي، وإضعاف إيران وحزب الله بسبب الضربات العسكرية الإسرائيلية، وتغير أولويات روسيا في سياق حربها ضد أوكرانيا.
وفي الوقت نفسه، أدى سقوط نظام الأسد إلى تحول آخر في علاقات القوة في المنطقة، وسوف تحدد مصالح وأولويات وأفعال الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية مجال المناورة للحكام الجدد في دمشق، فقد احتلت تركيا وإسرائيل أراضي في شمال وجنوب غرب البلاد على التوالي، ومن المتوقع أن تمارس الدول العربية في الخليج العربي نفوذها أيضا، حيث ستلعب دورا حاسما في إعادة إعمار سوريا، ولاتزال الولايات المتحدة تحتفظ بوجود عسكري في سوريا، على الرغم من أن مشاركتها المستقبلية في البلاد غير مؤكدة.
وبعد تدخلها العسكري في الحرب السورية في عام 2015، أنشأت روسيا ما يسمى بتنسيق أستانا بعد عامين تقريبا، وفي هذا الإطار، تعاونت مع تركيا وإيران لتجميد الصراعات في سوريا، والحد من العنف ورسم خرائط مناطق النفوذ، ونتيجة لذلك، تغير توازن القوى في المنطقة، كما تغيرت أولويات الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية في سوريا.
والجدير بالذكر أن أنصار المعارضة السورية توقفوا عن التركيز على الإطاحة بالنظام وأعطوا الأولوية لمصالحهم الوطنية والاقتصادية والأمنية، وركزت الولايات المتحدة على محاربة (داعش)، وسعت تركيا إلى منع إنشاء منطقة متجاورة تحت سيطرة “قسد” التي يهيمن عليها الأكراد على طول حدودها الجنوبية ودعت إلى عودة اللاجئين السوريين، وقصفت إسرائيل، التي ظلت محايدة في صراع السلطة الداخلي في سوريا، مواقع وقوافل الميليشيات الإيرانية والمتحالفة معها لمنع إنشاء قواعد معادية في المنطقة الحدودية، وبناء مصانع الأسلحة ونقل الأسلحة إلى حزب الله.
لقد تغير ميزان القوى الإقليمي مرة أخرى في أعقاب الهجمات التي شنتها حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول 2023 ورد إسرائيل عليها، تشرين الأول 2024.
كان “محور المقاومة” الذي تقوده طهران قد ضعف بشدة بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية، وكان هذا صحيحا، قبل كل شيء، بالنسبة لإيران نفسها وكذلك بالنسبة لحزب الله اللبناني، الذي كان، إلى جانب روسيا، الداعم الرئيسي لنظام الأسد، من جانبه، ركز الجيش الروسي على الحرب في أوكرانيا، مهدت هذه الأولويات المتغيرة والحسابات الاستراتيجية للجهات الفاعلة الإقليمية والدولية الرئيسية في سوريا الطريق لفصائل المعارضة المسلحة للاستيلاء على السلطة في كانون الأول 2024.
وبحسب الحكومة التركية، فإن سقوط بشار الأسد كان بسبب عجزه وعدم رغبته في استخدام حالة الصراع المجمدة التي ساد سوريا منذ اتفاقيات أستانا عام 2017، كما تحول ميزان القوى في سوريا والمنطقة الأوسع لصالح الولايات المتحدة، في الوقت نفسه، لم تتحقق أهداف السياسة الأمريكية تجاه سوريا بالكامل بعد وتظل إشكالية بالنسبة لتركيا.
في الوقت نفسه، تسعى دمشق إلى دمج مقاتلي “قسد” في جيشها الجديد، وإن كان كأفراد، وليس كأعضاء، وعلى هذه الخلفية، تعمل الحكومة الأمريكية على التوصل إلى تسوية سلمية بين هيئة تحرير الشام و”قسد” من ناحية، وبين “قسد” وتركيا من ناحية أخرى.
في الوقت الحالي، لايزال المسار الذي ستتبعه إدارة ترامب الثانية غير مؤكد وقد تتغير السياسة الأمريكية تجاه سوريا بشكل مفاجئ، ولاسيما أن هذا الغموض يمتد إلى وجود القوات الأمريكية على الأراضي السورية في المستقبل وشراكة أمريكا مع “قسد” بعد وقت قصير من سقوط الأسد، دعا ترامب نفسه الولايات المتحدة إلى الامتناع عن التدخل في الديناميكيات الداخلية لسوريا، في حين أيَّد مستشار الأمن القومي مايك والتز انسحاب القوات الأمريكية من البلاد.
المصدر_ SWP
#صحيفة_الثورة
