مرضى يتألمون في “الرازي” بحلب.. وأطباء تخدير غائبون من المسؤول عن صرخة حسن؟
في مستشفى الرازي بحلب، يغرق المرضى المراجعون لقسم الإسعاف ويحتاجون عمليات جراحية إسعافية، في الألم بينما تظل أبواب غرفة العمليات مغلقة بسبب نقص حاد في أطباء التخدير، قضية ليست جديدة، لكنها تزداد سوءاً كل يوم، تاركة خلفها مآسٍ لا يمكن تجاهلها.
“عانى الطفل حسن من كسور خطيرة جراء سقوطه في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، كانت غرفة العمليات في مستشفى الرازي مغلقة، والمبرر: “لا يوجد طبيب تخدير.. نعتذر عن إجراء العملية”، بعد ساعات من الألم، حولوه إلى مستشفى آخر، أبو حسن عجز عن فهم رفض مستشفى حكومي إجراء عملية إسعافية لطفل في حالة حرجة بسبب نقص الأطباء.
صراخه في الانتظار يقول أبو الحسن: صدمة كبيرة انتابتنا ونحن نسمع هذا الكلام بعد إجراء الصور الشعاعية لابني كان يعاني من آلام كبيرة ويحتاج إلى عمل جراحي إسعافي لرد الكسرين مع تثبيت أسياخ – بحسب ما أوضح الأطباء، لكن عدم إجراء العمل الجراحي بسبب عدم وجود أطباء تخدير جعلنا في حيرة من أمرنا، إلى أين نتوجه بطفل ملأ صراخه المكان نتيجة الألم، ولا يمكن التوجه للمستشفيات الخاصة بسبب التكلفة المادية الكبيرة، فكان الخيار مستشفى حلب الجامعي، أجري العمل الجراحي بعد الاستقصاءات الطبية اللازمة، وسجل تقرير العمل الجراحي “إجراء رد كسر الكعبرة، وأسفل العضد تحت التنظير الشعاعي، وتثبيت الكسر بـ 2 سيخ كيرشنر لكل كسر”.
على الرغم من معاناة الطفل حسن الشديدة، لم يكن وحده، ولم تكن حالته هي الأشد، بل هناك آخرون راجعوا مستشفى الرازي قبل نقلهم لمستشفيات أخرى عامة أو خاصة، أو تأجلت عملياتهم بسبب نقص أطباء التخدير المناوبين، هؤلاء المرضى ليسوا مجرد أرقام أو حالات طبية عابرة، هم أفراد لديهم عائلات، وأهل يخافون عليهم مضاعفات إصابتهم وآلامهم.
التخدير غائب
العديد من المواطنين أوضحوا للثورة أن المستشفى لا يقبل الحالات الإسعافية التي تحتاج تدخلاً جراحياً إسعافياً لعدم وجود أطباء تخدير، مشيرين إلى أن دوي المرضى والمصابين يستغربون هذا الواقع لمستشفى يعد الأساس بإجراء العمليات الجراحية الإسعافية بشكل خاص.
الأسباب
وعن إجراءات المستشفى لتلافي هذه الحالة بيّن الدكتور فرح أن المستشفى تواصل مع مديرية الصحة وفرع نقابة الأطباء ونقابة الأطباء ومديرية المستشفيات في الوزارة، الإجابة دائماً نقص بأطباء التخدير على مستوى سوريا.
وأرجع الدكتور فرح قلة عدد أطباء التخدير إلى الهجرة على مدار السنوات الماضية بسبب إجراءات النظام البائد، وعدم رغبة الكثير باختيار اختصاص التخدير بسبب حصر العمل في المستشفيات وعدم استفادته من فتح عيادة على عكس باقي الاختصاصات، وهو ما يتطلب حوافز مادية أكثر لأطباء التخدير في المستشفيات العامة.
وكشف الدكتور فرح عن وجود 5 أطباء اختصاصيين، وطبيبين مقيمين باختصاص التخدير بالمستشفى، مؤكداً أن الحاجة لأضعاف العدد الموجود كون المستشفى إسعافي ويستقبل الحالات على مدار الأربع والعشرين ساعة، مطالباً من خلال ” الثورة ” بإيجاد حل جذري لهذه المشكلة.
صحة حلب.. لا جواب
حلول لا تحتمل التأجيل

الحل لا يكون فقط بتبادل المراسلات بين الجهات الرسمية، بل بوضع خطة طارئة لتأمين المناوبات على مدار الساعة، وتوفير حوافز حقيقية للأطباء للحفاظ عليهم، وتمنع هجرة ما تبقى من الكوادر، أما الصمت أو التأجيل، فهو خيار مؤلم يدفع ثمنه المواطن، جسداً وألماً وربما حياة.
حتى ذلك الحين، سيبقى صوت الطفل حسن، وغيره من المرضى، هو الصوت الوحيد الذي لا يمكن تغطيته بأي تصريح.