بين مساعي دمشق والجهود الأممية.. بيئة جاذبة لعودة اللاجئين

الثورة- راغب العطيه

يعد رفع العقوبات عن سوريا خطوة مهمة ممكن أن تساهم في تسريع عودة اللاجئين السوريين إلى ديارهم، إلى جانب جهود دمشق الحثيثة لتأمين متطلبات هذه العودة على كافة الأصعدة، حيث يزيل هذا الإجراء أحد العوائق الرئيسية التي تواجه عودتهم، وهو الوضع الاقتصادي المتردي وتدهور البنية التحتية في البلاد، كما يشجع على تحريك عجلة الاقتصاد، ويدفع باتجاه استعادة نشاط البنية التحتية المتهالكة، وبالتالي يفتح الباب أمام تدفق الأموال والاستثمارات وكذلك المساعدات الدولية، الأمر الذي يحفز جهود إعادة الإعمار والبناء، وصولاً إلى خلق بيئة أكثر استقراراً وجاذبية للعودة.

كما يجب ألا يُنظر إلى رفع العقوبات عن سوريا بعد سقوط النظام البائد كعامل حاسم في عودة اللاجئين، بل كجزء من سلسلة تحولات سياسية ومؤسساتية شاملة، وهذا يتطلب بناء دولة جديدة تتجاوز البنية الأمنية التي حكمت البلاد لعدة عقود، وتمنح المواطنين حقهم في المشاركة، والمساءلة، والحماية القانونية، ومن دون ذلك، فإنَّ رفع العقوبات سيبقى خطوة ناقصة، وعليه يجب أن يُستثمر هذا الاجراء الدولي المهم ضمن مشروع وطني شامل يعيد بناء الدولة والمجتمع على أسس جديدة.

وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 13 أيار الماضي عن قراره برفع العقوبات عن سوريا خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية، بعد مناقشة هذا الأمر مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

وأعربت الأمم المتحدة عن ترحيبها بإعلان الرئيس الامريكي رفع العقوبات المفروضة على سوريا، وقال رئيس بعثة مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا، غونزالو فارغاس يوسا: ان المفوضية دعت منذ سقوط نظام الأسد إلى رفع العقوبات عن سوريا، وأضاف “إن تم تنفيذ رفع العقوبات بسرعة سيكون له أثر إيجابي كبير في دعم العودة الطوعية المستدامة والواسعة لملايين اللاجئين والنازحين السوريين الذين عانوا طويلاً في الشتات”.

وشدد فارغاس يوسا في تصريحات له لوكالة سانا، في 15 أيار الماضي على أن التحدي الأكبر أمام عودة اللاجئين هو الجانب الاقتصادي، نظراً لحجم الدمار الذي طال مختلف مناحي الحياة خلال السنوات الأربع عشرة الماضية. ورأى المسؤول الأممي أن ما تقوم به المفوضية وحده لا يكفي، فما يضمن عودة الملايين من اللاجئين والنازحين واستقرارهم هو رفع العقوبات، وبدء مشاريع استثمارية واسعة النطاق، وتوفير البيئة القانونية التي تتيح للقطاع الخاص العمل داخل سوريا، موضحاً أن هذه الإجراءات تتجاوز اختصاص المفوضية، وأن المانحين والمؤسسات المالية والحكومات يجب أن يسرّعوا مساهماتهم في هذا المسار. وكان مجلس الاتحاد الأوروبي قرر في شباط 2025 ،وبعد سقوط النظام البائد تعليق عدد من التدابير التقييدية نتيجة التحولات الميدانية والسياسية في سوريا، لتسهيل التواصل مع الشعب السوري والشركات العاملة في قطاعات رئيسية مثل الطاقة والنقل. وتوج التوجه الأوروبي نحو تخفيف الأعباء عن كاهل السوريين، بإعلان مجلس الاتحاد في 20 أيار 2025 القرار السياسي الذي رفع بموجبه كامل العقوبات عن سوريا، وذلك بعد أشهر من تقييم الوضع في ظل الحكومة الانتقالية.

مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا غير بيدرسون رحب بالخطوات الدولية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بشأن رفع العقوبات التي كانت مفروضة على سوريا. وقال بيدرسون في إحاطته أمام اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن سوريا في 21 أيار 2025 عبر الفيديو من دمشق: “يسود جو من التفاؤل الحذر وتطلع إلى التجديد، في ظل تحركات دولية بعيدة المدى بشأن سوريا”، مؤكداً أن هذه التطورات تحمل إمكانات هائلة لتحسين الظروف المعيشية في جميع أنحاء البلاد، ولدعم الانتقال السياسي السوري.

ونوه بيدرسون بالدعم الذي قدمته دول إقليمية منها السعودية وتركيا وقطر بما في ذلك معالجة التزامات سوريا المعلقة تجاه المؤسسات المالية الدولية، ودعم دفع رواتب القطاع العام، وضمان توفير الموارد الحيوية في مجال الطاقة، منبهاً إلى أن سوريا تواجه تحديات هيكلية كبيرة، في ظل اقتصاد متضرر بفعل أكثر من عقد من الحرب والصراع، فضلا عن مجموعة من العوامل الأخرى المزعزعة للاستقرار.

من جانبه قال نائب سفير سوريا لدى الأمم المتحدة رياض خضور أمام اجتماع مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا في 21 أيار 2025: إن السوريون يشهدون الآن حرص المجتمع الدولي على تلقف اللحظة الفارقة الراهنة وفتح أبوابه مجددا لسوريا وانخراطه الفاعل معها، مضيفاً ان “قرار رفع العقوبات عن سوريا يمثل تحولاً نوعياً طال انتظاره لما يحمله من بوادر حقيقية للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية وتسريع عملية التعافي الاقتصادي والتنموي في البلاد”.

وشدد على أن السوريين استقبلوا هذا القرار بكثير من الأمل باعتباره خطوة أولى نحو استعادة دورة الحياة الطبيعية وتحسين الظروف المعيشية وإعادة تحريك عجلة الاقتصاد وبناء الأمن الغذائي، والعودة الواثقة لمسار التنمية المستدامة.

وقال: “إن التطورات الأخيرة تفتح الباب أمام توفير بيئة واعدة للعمل والاستثمار وتأهيل القطاع المصرفي، وتمهد لتحسن تدريجي في البنى التحتية واستئناف الخدمات الأساسية، لاسيما في مجالات الطاقة والصحة والتعليم والزراعة وترسيخ الأمن والاستقرار وتعزيز السلم الأهلي، الأمر الذي يساعد على الارتقاء بالوضع الإنساني ويسرع من وتيرة العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين والمهجرين”.

وكانت وكالة سانا نقلت في 14 أيار الماضي عن وزير المالية الدكتور محمد يسر برنية تأكيده أن رفع العقوبات عن سوريا سيساعدها على توفير البيئة المواتية لعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، وتأمين الخدمات الأساسية التي يحتاجونها للعودة، وقال: إن هذه الخطوة ستساعد على جذب الاستثمارات والتدفقات المالية، وعودة سوريا إلى النظام المالي والنقدي العالمي، مبيناً أن هناك فرصاً كبيرة وحاجة ماسة للاستثمارات في مختلف القطاعات في سوريا في البنية التحتية والطاقة والتعليم والقطاع المالي والمصرفي.

وأضاف إن العقوبات على سوريا جاءت بداية لحماية الشعب السوري من ظلم النظام البائد، ورفعها اليوم فرصة للشعب السوري لإعادة بناء دولته.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن رفع العقوبات عن سوريا، ولاسيما العقوبات الأمريكية، يمثل فرصة حقيقية لتسريع عودة اللاجئين وتخفيف الأعباء على الدول المضيفة، على أن تكون هذه الخطوة مصحوبة بجهود دولية وأممية جادة لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني في البلاد، وتوفير الظروف المناسبة لعودة كريمة وآمنة للاجئين، وتشكل هذه العودة بدورها خطوة مهمة في تحقيق الاستقرار في المنطقة ككل، حيث يساهم ذلك في تخفيف التوترات وتسهيل التعاون الإقليمي والدولي.

آخر الأخبار
السيطرة الكاملة على حريق "شير صحاب" رغم الألغام ومخلفات الحرب    بين النار والتضاريس... رجال الدفاع المدني يخوضون معركتهم بصمت وقلوبهم على الغابة    تيزيني: غرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة كانت تعمل كصناديق بريد      تعزيز التعاون في تأهيل السائقين مع الإمارات بورشة عمل افتراضية     الإبداع السوري .. في"فعالية أمل" ريف اللاذقية الشمالي يشتعل مجدداً وسط صعوبات متزايدة وزير الطاقة: معرض سوريا الدولي للبترول منصة لتعزيز التعاون وتبادل الرؤى بطولات الدفاع المدني .. نضال لا يعرف التراجع في وجه الكوارث والنيران  وزير الطاقة يفتتح "سيربترو 2025"  وزير الطوارئ يتفقد مواقع الحرائق ويشيد بجهود الفرق الميدانية   500 سلة إغاثية لمتضرري الحرائق باللاذقية  السويداء على فوهة البندقية.. سلاح بلا رقيب ومجتمع في خطر  دمشق وأبو ظبي  .. مسار ناضج من التعاون الثنائي الحرائق تتمدد نحو محمية غابات الفرنلق.. وفرق الإطفاء تبذل جهوداً جبارة لإخمادها امتحانات البكالوريا بين فخ التوقعات والاجتهاد الحقيقي "لمسة شفا" تقدّم خدماتها الصحية والأدوية مجاناً بدرعا مشاريع خدمية بالقنيطرة لرفع كفاءة شبكة الطرق تطويرالمهارات الإدارية وتعزيز الأداء المهني بعد تدخل أردني وتركي..الأمم المتحدة تدعو لدعم دولي عاجل لإخماد حرائق اللاذقية متابعة التحضيرات النهائية لانطلاق امتحانات "الثانوية" في ريف دمشق