الثورة – زهور رمضان
يلجأ العديد من طلبة المدارس وخاصة طلاب الشهادتين لمحاولة الغش خلال الامتحانات الرسمية للحصول على الإجابة الصحيحة دون عناء الدراسة من خلال النقل المباشر من ملخصات الكتاب أو من خلال ابتكار أساليب إبداعية في الغش كاستخدام التكنولوجيا والهواتف المحمولة والسماعات الذكية وغيرها، ويصر قسم من هؤلاء على اعتبار الغش نوع من الشطارة والذكاء والفهلوية خاصة عندما يتم في غفلة من المراقبين الذين يُعتبرون الطرف الرقيب، رغم ممارستهم لدورهم في مراقبة أجواء الامتحان متناسين أن النجاح لا يكون إلا ثمرة للجد والاجتهاد والدراسة المتواصلة.
تباين في الآراء
وفي هذا السياق ترى حلا أحمد ان استخدام اسلوب الغش هو محاولة هروب من واقع الدراسة رغم أنه مرفوض جملة وتفصيلا ،فيما جاء رأي الطالب “ب- ع “الذي فضل عدم كشف اسمه مختلفا معتبرا انه مباح وشرعي نظرا لضخامة المنهاج وتعقيداته وضيق الوقت.
ضرب للمصداقية والنزاهة
يبدو أن العديد من الطلبة مازالوا مقتنعين بأن إقدامهم على سلوك الغش تصرف طبيعي نتيجة لتعرضهم لضغوط الدراسة والظروف الاجتماعية وقلق الامتحان الذي يعانون منها. و بالتالي فإن خبراء التربية يؤكدون على مخاطر الغش كونه يقضي على مصداقية الامتحانات في تقييم الطالب تقييما صحيحا وتحديد مستواه الحقيقي بشكل عادل ومنصف.كما أن تفنن الطلاب في ابتكار أساليب جديدة لممارسة الغش ليس إلا اصرارا منهم بحجج واهية ومبررات لا منطقية ضاربين عرض الحائط بكل القيم والأعراف التي تحرم الغش متجاهلين حديث الرسول الكريم “من غشنا فليس منا”.
أساليب الغش
تنوعت أساليب الغش وتعددت أشكاله بين طرق قديمة كترشيت الكتاب على أورق صغيرة بخط ناعم او أوراق ملفوفة بشكل حلزوني كمصغرات او كتابة بعض القوانين على مقاعد الامتحان قبل دخول المراقبين بينما يحاول آخرون النقل من الزملاء المجاورين بالهمس والإشارات، في حين يتبع آخرون طرق الكتابة برأس الفرجار على المساطر علما انها جميعا طرق قديمة بأساليب متطورة. لكن تطور التكنولوجيا الرقمية ساهم بخلق أساليب جديدة، حيث يتربع على رأسها الموبايل بتقنية البلوتوث من ناحية الدقة باستخدم سماعات لاسلكية أو ذكية، والتي تعتبر أحدث إبداعات الغش يصعب كشفها بالطرق التقليدية، بينما يمكن تتبعها من خلال الاتصالات، ما ساعد القائمون على تطبيق القانون لاستخدام التكنولوجيا في كشف أساليب الخداع عبر استقدام أجهزة حديثة لكشف تلك السماعات الذكية.
حافل بالفساد
وفي هذا السياق ذكرت مصادر وزارة التربية في حكومة النظام البائد أنه تم ضبط أكثر من 3300 حالة غش في امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية للعام السابق مسببة إقالة وزير التربية آنذاك دارم الطباع، كما أحيلت 89 قضية ضد الأهالي إلى القضاء ليصار لحرمانهم من التقدم لامتحان الشهادة الثانوية لدورتين واعتبارهم راسبين العام الماضي وسحب شهاداتهم، حيث كشفت تقارير عن تورط شخصيات نافذة في تزوير نتائج الثانوية، بما في ذلك أبناء مسؤولين. كما تم إيقاف أربع موظفات في وزارة التربية بتهمة التلاعب بنتائج الامتحانات مقابل مبالغ مالية ضخمة وصلت إلى 150 مليون ليرة سورية في بعض الحالات.
إجراءات وزارية
وزارة التربية والتعليم في حكومة النظام البائد اعتمدت أسلوب فصل شبكتي الانترنيت والاتصالات خلال فترة تقديم امتحان الشهادتين كإجراء احترازي لضمان عدم تسرب الأسئلة أو استخدام الغش خلال الامتحان.كما استمرت الوزارة الحالية على نهج سابقتها بقطع النت والاتصالات في إطار استمرارها في مراقبة سير العملية الامتحانية وضمان عدالتها ونزاهتها.
1230 مخالفة في الثانوية
ورغم كل تلك الإجراءات المتبعة والجهود المبذولة فقد أعلنت وزارة التربية والتعليم في بيان لها مؤخرا عن وجود 1230 مخالفة امتحانية مرتبكة في امتحانات الشهادة الثانوية للدورة الحالية. وذكر البيان أن العدد الأكبر من المخالفات كان من خلال ضبط 781 حالة قصاصات ورقية لدى الطلاب ، فيما جاء في الترتيب الثاني مخالفات استخدام الجوال، حيث تم ضبط 178 حالة منها 136 حالة شغب.إضافة لوجود مخالفات ناتجة عن الشغب ضمن قاعة الامتحان محتلة المرتبة الثالثة إذ بلغت حالات الشغب بالامتحانات العامة 136 حالة، فيما تم ضبط 79حالة غش بواسطة المُصغّرات،و28حالة بالبلوتوث وذكر التقرير الذي نشرته الوزارة على صفحتها ضبط 28 حالة غش بواسطة سماعات البلوتوث.
كما جرى خلال الامتحانات تمزيق أوراق الإجابات من قبل 12 طالباً، وانتحل 8 أشخاص صفة الطلاب في تقديمهم للامتحانات وجرى ضبطهم، فيما تم ضبط استخدام ساعات ذكية من قبل 7 طلاب. وكانت هناك حالة واحدة ضُبطت بمخالفة التقدم لغير المركز الامتحاني المُحدّد للطالب.
خارج دمشق
كما ضبطت قيادة الأمن الداخلي في محافظة حماة في أول يوم من امتحان شهادة التعليم الأساسي شبكة متورطة لترويج سماعات لاسلكية تستخدم في عمليات الغش.
وأكد مصدر في قيادة الأمن الداخلي بالمحافظة إلقاء القبض على كامل أفراد الشبكة مؤكداً أن عمليات الغش التي تحدث لا تليق بمستقبل أبنائنا وسمعة العملية التعليمية في بلدنا، أيضا تم كشف شبكة غش في دمشق خلال تقديم امتحان مادة اللغة العربية بتاريخ 28 تموز السابق، إذ نجحت وزارة التربية والتعليم بالتعاون مع وزارتي الداخلية والاتصالات والتقانة في الكشف عن شبكة منظمة للغش في أحد مراكز امتحانات دمشق بعد متابعة دقيقة وتنسيق ميداني وتقني، حيث رُصدت مؤشرات توحي بمحاولات غير مشروعة للغش تستهدف نزاهة الامتحانات جرى تتبعها عبر استخدام تقنيات متطورة وتحديد أماكن الشبكة التي استغلت التقنيات الحديثة لأغراض غير تربوية.
بينما كشفت التحقيقات مع المتورطين أن الأساليب المستخدمة شملت أجهزة اتصال إلكترونية عبر سماعات أذن صغيرة لنقل الإجابات خلال الامتحان، بما يتعارض مع القيم التعليمية وأخلاقيات الامتحان.
غش جماعي
وفي إطار آخر وبعد اعتماد وزارة التربية لنظام أتمتة الامتحان فقد ذكر أحد الموجهين التربويين على صفحته الالكترونية أن مركز التصحيح في أحد مدارس محافظة حماة، وعند تصحيح أوراق الرياضيات الخاصة بمحافظة اللاذقية شهد حادثة لافتة.. حين لاحظ الأساتذة المصححون أن هناك ظرفاً يحوي عشرات الأوراق المتطابقة من حيث الإجابات، وجميعها تحتوي على الإجابات النهائية فقط دون أي أثر للحل على المسودة، ما قد يعني أن الطلاب ربما حصلوا على الإجابات بطرق غير مشروعة.
ومع تكرار هذا النمط في جميع الأوراق داخل ذلك الظرف، تأكد وجود غش جماعي داخل القاعة بأكملها وهنا يطرح سؤال حول ماهية حقيقة الأمر وفي حال مصداقية الخبر ما هو رد المسؤولين في مراكز التصحيح، وهل تم فتح ضبط بحالة الغش، أم حدث التستر على الموضوع.
ونلفت هنا على أن السكوت على أي حالة من حالات الغش ربما يعطي هؤلاء شرعية الغش، ويصبح الغش أمراً مستساغاً يجب التعايش معه.. فيما يظلم الطلاب المجتهدون.
قوانين رادعة
يذكر إن القانون 42 المعتمد لدى وزارة التربية يتضمن عقوبات صارمة لحالات الغش والتدليس، منها الحرمان من تقديم الامتحان عدة سنوات، وشطب الشهادة والسجن مع غرامات مالية كبيرة.
وفي نفس السياق تؤكد الوزارة التزامها بمراقبة سير العمليات الامتحانية وضمان عدالتها ونزاهتها بالتعاون مع الجهات المعنية.
وعي مجتمعي
المدرّسة عبير زينب دعت الأهالي إلى توعية أبنائهم بمخاطر الانجرار وراء هذا السلوك المشين، محذرة من أن بعض الشبكات احتيالية وتستهدف الطلاب مادياً، مؤكدة أن الاعتماد على الغش يمثل حالة سلبية تضر بالطالب ومن حوله.
مخاطر شيوع الغش
الاختصاصية التربوية حنان شهلة أوضحت بناء على ما تقدم أهمية اعتماد الطالب على نفسه وقدراته وتنظيم وقته خلال العام الدراسي وفي فترة المراجعة وخلال الامتحان بالذات، وعدم اللجوء للغش والذي تتجاوز مخاطره الفرد والمجتمع حين تسود القناعة لدى الأبناء الطلاب إمكانية تجاوز كل العقبات دون عناء أو تعب، بالإضافة لمشاعر اللامبالاة بالدراسة والتحصيل باعتماده على الغش وحده دون أدنى وازع أو ضمير.