ليست المسألة تظهير حضور دبلوماسي غاب لسنوات طويلة.. بل جوهر اللحظة أبعد بكثير من بروتوكولات السياسة وخطابات المنابر، إنّها لحظة تاريخ يعاود الحركة في الجغرافيا السورية.
سوريا، التي أُريد لها أن تُمحى، تنهض من ركام الموت، وتتقدّم بخطى واثقة نحو استعادة مكانتها، هويتها، وقرارها.
وسواء راق ذلك للبعض أو لم يرق، فإن عودة سوريا إلى المسرح الدولي ليست تفصيلاً في سجل الأمم، بل علامة فارقة تُعلن أن الوطن الذي نُكّس علمه تحت نيران التآمر، يعود اليوم ليُرفع من جديد.
ما حدث ويحدث، ليس مجرّد صحوة دبلوماسية، بل بعث سياسي ووطني بعد سنوات من الاستنزاف الكامل.
بلدٌ حوصر، نُهب وشُوّه إعلامياً، يرفض أن يُسحق أو يُطوى، ينهض اليوم بكرامته، لا يستجدي عطفاً، ولا يطلب غفراناً، بل يفرض حضوره بحقائق الجغرافيا وحقّه المشروع في الحياة.
سواء كنت مع أو ضد، فإن عجلة التاريخ لا تنتظر المترددين.
أيها السوري .. انظر إلى ما يجري على الأرض:
مدارس أعيد فتحها بعد أن دُكّت بالصواريخ، مستشفيات عادت تستقبل أبناءها بعد أن تحوّلت إلى أهداف حربية، جامعات تنبض من جديد بعقول السوريين، بعد أن أُريد لأجيال بأكملها أن تُقتلع من جذورها.. والقائمة تطول.
هذا ليس تطبيلاً.. هذا هو الواقع، بل قراءة في التحوّل العميق الذي يشهده البلد، رغم الجراح، ورغم ضيق أفق البعض.
نعم، لا تزال هناك أوجاع، وبقع قاتمة، وتحديات جمّة، لكن الحقيقة الجوهرية لا يمكن إنكارها.. سوريا ترفض أن تموت.
ليست المسألة في فلان أو علّان.. بل في وطنٍ ظلّ حاضراً في ذاكرة التاريخ حتى حين ظنّ البعض أنه انتهى.
اليوم سوريا تُعيد الإمساك بمقودها السيادي، وتشقّ طريقها وسط الركام والخذلان، دون أن تنحني.
عودة سوريا إلى المجتمع الدولي ليست منّة من أحد، بل استحقاق طبيعي لدولةٍ ضاربة في التاريخ، دولة لم تتنازل عن جوهرها رغم كل محاولات التفكيك.
لا خيار أمام السوريين إلا أن يلتقوا على أرضية واحدة: أن سوريا أولاً، وآخراً، وفوق الجميع.