العصر الرقمي وغربلة الثقافة

الملحق الثقافي-حسين صقر:                      

مع انتشار وسائل التواصل المتعددة وتطبيقاتها المختلفة، بات التنوع المعرفي واضحاً، ولكن هناك مع كل أسف من يستغله لدس السم في الدسم، وهو ما يدفع بالضرورة لغربلة هذا التنوع، وذلك عبر الحفاظ على ما يشبع الفكر والذاكرة ويتخمهما بالمعلومات المفيدة، واستبعاد ورفض كل الأفكار الدخيلة، والتي تعمل على تقويض بنى المجتمع الأخلاقية وقيمه الأصيلة، ولاسيما أنه في ثقافتنا العربية الكثير من الموروثات الجميلة التي يجب علينا الاحتفاظ بها، والعمل على تعزيزها وتنميتها وغرسها في الأجيال المتعاقبة.
في الوقت ذاته تلك الثقافة، كأي ثقافة في العالم، قد يتراكم فيها قدر كبير من السلبيّات، وذلك نتيجة التوجهات الفكرية والتشدد العقائدي والانحياز الأعمى لمذهب أو مسلك أو جماعة أو حتى شخص، حتى إن بعضها أضحى بمثابة العقيدة والثوابت، لايمكن الإزاحة عنها.
هذا الواقع بالنتيجة، وبشكل منطقي يدفع إلى اتخاذ قرار جريء لغربلة هذه الثقافة، وفرز غثها من سمينها، لتحقيق الأهداف المرجوة منها، وهي التعليم والتثقيف والتوعية ونشر الأفكار والقيم الحميدة، والاستغناء بشكل نهائي عم يضر بتربية أفراد المجتمع والحفاظ على عقول سليمة نقية غير ملوثة، ولا تشوبها الثقافات الأخرى التي تؤدي لهدم بنيان العلاقات والعادات الصحيحة.
فسواء المواقع الإلكترونية التي جاءت بها الشبكة العنكبوتية، أم الكتب التي دخلت بطريقة أو بأخرى، وغزت الثقافات والقراء لأسباب متعددة، كلاهما يشكل خطراً واضحاً بدأ يلقي بكاهله على عقول البشر، وأصبح ضمن العائلة الواحدة عدة توجهات وانتماءات، وكل فرد فيها يدافع باستقتال عن توجهه ذاك، والسبب طبعاً عدم وجود جهات رقابية تقوم بدورها الصحيح لغربلة الأفكار الدخيلة.
لن أبتعد كثيراً بالحديث، ولكن أثناء تقليبي لصفحات موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك، يظهر الكثير من المقاطع والمنشورات التي لا تتاسب مع قيمنا وأخلاقنا، لأن الموقع مفتوح ومتاح لكل المجتمعات، لكن أن يظهر أثناء ذلك مقطع من مسلسل تلفزيوني ممثلوه سوريون، وبيئته محلية بحتة، ومملوء بالإيحاءات الجنسية، وهذا المقطع ليس الوحيد في درامانا، إذ باتت تعج بتلك المشاهد، دون مراعاة لمشاعر الناس، فهناك المراهقون والمراهقات والأطفال، وهناك من لديهم ظروف عائلية، وهناك الملتزمة أو الملتزم، وهناك شرائح مختلفة منها ما يتقبل ذلك، ومنها من يرفض وبقوة تلك المشاهد الخادشة للحياء، فكيف لايتم غربلة هذه النصوص، والانتباه لما يتم عرضه.
غربلة الثقافة سواء إلكترونياً أم ورقياً، باتت ضرورة ملحة ولاسيما مع انتشار الهواتف النقالة والمحطات الفضائية التي خلطت أوراق الفكر ولم يعد هناك من يميز مفيدها من عدمه.
رغم ذلك هناك نسبة كبيرة حتى من جيل العصر الرقمي، ما زال يعرف أن ثقافة دخيلة تجاوزت الحدود وتغلغلت بين أفراد مجتمعنا، ويرفض بشكل قاطع ما آلت إليه أحوال التربية والثقافة على حد سواء، ويعلم أن الثقافــة العـربية بحـاجــة إلـى غـربلـة جـريئـة لاتحتمل المساومة أو المسايرة.
في الوقت ذاته، إن تلك الغربلة لايجب تحميل مسؤوليتها لجهة معينة إذ كل مسؤول من موقعه عن عملية الفرز، الأب والأم في المنزل، والمعلم أو المدرس في المدرسة، وكل الجهات التربوية والرقابية الأخرى والقائمة تطول، وبذلك يتم ضمان تقليص وتضييق دائرة الأفكار الدخيلة والمضرة سواء جاءتنا عبر الكتب أو المواقع الإلكترونية.

العدد 1162 –  10-10-2023

آخر الأخبار
اشتباكات حدودية وتهديدات متبادلة بين الهند وباكستان الرئيس الشرع يلتقي وزير الزراعة الشيباني أمام مجلس الأمن: رفع العقوبات يسهم بتحويل سوريا إلى شريك قوي في السلام والازدهار والاقتصاد ... "الصحة العالمية" تدعم القطاع الصحي في طرطوس طرطوس.. نشاط فني توعوي لمركز الميناء الصحي  صناعتنا المهاجرة خسارة كبيرة.. هل تعود الأدمغة والخبرات؟ ترجيحات بزيادة الإمدادات.. وأسعار النفط العالمية تتجه لتسجيل خسارة تركيا: الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك مع سوريا "موزاييك الصحي المجتمعي" يقدم خدماته في جبلة تأهيل طريق جاسم - دير العدس "بسمة وطن" يدعم أطفال جلين المصابين بالسرطان اللاذقية: اجتماع لمواجهة قطع الأشجار الحراجية بجبل التركمان درعا.. ضبط 10 مخابز مخالفة تربية طرطوس تبحث التعليمات الخاصة بامتحانات دورة ٢٠٢٥ مُنتَج طبي اقتصادي يبحث عن اعتراف سوريا أمام استثمارات واعدة.. هل تتاح الفرص الحقيقية للمستثمرين؟ دعم أوروبي لخطة ترامب للسلام بين روسيا وأوكرانيا واشنطن: بإمكان إيران امتلاك برنامج نووي سلمي بحال تخليها عن التخصيب The New Arab: "نسور الحضارة 2025" توسع التعاون العسكري بين مصر والصين "لعنة الضرائب" تلاحق ترامب: ١٢ ولاية أمريكية تطعن قضائياً بالرسوم الجمركية