الملحق الثقافي- علم عبد اللطيف:
لنلاحظ أن كتاب الرواية في العالم..تتلمذوا على الرواية الغربية. لا بأس. هي ابتداع غربي. لكن ثيمة الرواية الغربية طابعها الثقافي والحياتي. البعيد عن بقية أنحاء العالم.جعل من كتابة الرواية في دول العالم الثالث مهمة صعبة. واجهت الخذلان في معظم الأحيان. لهذا السبب بالذات. سبب غربة الفضاء الأوروبي عن فضاء يجب أن يشكله وينتجه كاتب آخر في مكان قصي من العالم.
لنحدد أكثر. لم يكن من السهل إنتاح فضاء خاص بالرواية العربية.بسبب تابوات متعددة.أهمها الحرية. وحتى في الفضاء العربي. بدا أن هناك فضاءات أيضاً تتغاير وتختلف. هناك الرواية المصرية الرائدة. بلغتها وعالمها. وهناك الرواية المغاربية..والرواية العراقية والسورية. لكن أياً من هذه الأعمال. لم يرق لمستوى النمذحة الروائية الخاصة به. لسبب من الأهمية والخصوية بمكان. أن ثقافة تاريخية واحدة لا تجمع كتاباً ينهضون بمشروع روائي عالمي. ثقافة لو تفكرنا بها. لصدمنا فقرها التاريخي.
الآن. هناك رواية آسيوية. لن نتحدث عن اليابان أو الهند. في إيران وأفغانستان رواية وصلت إلى العالمية بسرعة. كما فعلت مثيلاتها في أميركا اللاتينية. التي يعرف النقاد أن خصوصية تلك الشعوب. أطلقتها الرواية بسرعة بعد مغادرة اثنين من التابوات التي تحكم العالم. الدين والجنس. بالعودة للرواية الآسيوية. هناك قول شائع.. لا يمكنك مد رجليك أثناء النوم في أي مكان دون أن تصدم بشاعر في هرات أو كابل. نعم. من يقرأ كتاب الطاجيك لـ بابا غفوروف..ترجمة إبراهيم اسنتبولي. يعرف ثراء تلك المنطقة. أدباً وفناً وحكمة وفلسفة. وتقاليد وعادات مجتمع غني بتاريخه وخصوصيته. بحيث تلمس سحر الشرق ورائحته.
هذا يصدم حقيقة. ثقافات صبغت التاريخ بألوانها. وبقيت حية تنتج التاريخ والإبداع.
الملاحظة المهمة. أن كتاب الرواية العربية لم يطلعوا على ثقافات آسيا هذه. التي تشبههم كثيراً. أفسد عوالم رواياهم تلبس عالم الغرب. ليس ثقافة فقط. بل فنياً. بحيث جاءت الرواية العربية تحاكي طريقة الغرب حواراً ومساجلة. ونمط حياة، وسياسة. وتقدم عالماً هجيناً ليس له صفة.
في الرواية الآسيوية. خالد حسيني وغيره. أمكنهم استنطاق تاريخ حافل ينتمي إليهم. فنجحت رواياتهم. عالم يشبه إلى حد بعيد عوالم المنطقة العربية. التي لم يقيض لكتابها استنطاق عالم خاص بهم. أما بسبب الحرية التي أشرنا إليها. أو لعدم توفر أصالة تاريخية حقيقية في بلدان المنطقة العربية.إصالة مجتمع وشعب. وثقافة مكتملة. تنتح أدباً مكتملاً.
ليس غريباً أن تكون الرواية المصرية رائدة الرواية الغربية.فمصر تحمل في تاريخها سائلاً في كل قطرة من مياه النيل. لكن هذا لم يكن من الممكن تعميمه في بقية البلدان العربية.
الملاحظة الأخيرة. لو كان بالإمكان تمثل الآداب الآسيوية. شعراً وفلسفة وملحمة وقصة. في وقت مبكر من زمن التجارب الروائية العربية.لكان بالإمكان الزعم بنجاح الرواية العربية بشكل أسرع وأنجح.
العدد 1162 – 10-10-2023