هل الإبداع تكرار واجترار..؟!

الملحق الثقافي- سلوى إسماعيل الديب:
يجتاح المشهد الثقافي الحالي العديد من الفنون لتقف عاجزاً عن معرفة أيها الأقرب للجمهور، فإذا اعتلى المسرح نشاط للغناء أو الموسيقا أو عمل مسرحي رأيت الناس يصطفون في الممرات، بينما نراهم بالعشرات إذا كان شيء آخر، التقينا مع بعض الفنانين والأدباء، لنتعرف على رأيهم بالفن الرائج في هذا الوقت.
تكرار واجترار
تحدث رئيس فرع الفنانين في حمص أمين روميه قائلاً: من خلال متابعتي للمشهد الثقافي -الفني في مدينة حمص، أرى أنّ ما يُقدّم من أعمال غنائيّة وموسيقيّة لا يتخطّى حدود التّكرار واجترار أعمال قُدّمت عشرات بل مئات المرّات وبمستوياتٍ مختلفة من حيث الإتقان، فالرّكود هو سيد الموقف..
وبين الحين والآخر يقدّم بعض الموسيقيين والملحنين أعمالاً فنّية في محاولات منهم لكسر هذا الجمود وتحريك مياه الإبداع الرّاكدة، ولكن ما يتمّ تقديمه ما زال، لا يرقى إلى ما يمكن لنا اعتباره إبداعاً أو ابتكاراً بالمعنى الصّريح للكلمة، كونه لم يتأصّل بعد، فَهُم مازالوا يقفون على ضفاف العمليّة الإبداعيّة، وقياساً بباقي الفنون (كالشعر والمسرح والفنون التشكيلية) نجد أن الإبداع الموسيقي هو الأكثر تأخّراً بينها جميعاً، وتفصله عنها هوّة كبيرة، فما زال الموسيقيّون الحمصيّون يدورون في فلك التكرار والرّتابة المملّة، بانتظار الانطلاقة التي يمكن لها أن تخطّ مسالك جديدة للإبداع والابتكار، رغم الوفرة في عدد العازفين المتميزين الذين ما زالوا مجرّد جسور عبور بين الضفاف، قانعين بالأداء المتقن للأعمال الغنائية والموسيقية الأصيلة، مع شَغْل مساحاتٍ ضئيلة من تلك الأعمال بارتجالات تنمّ عن القدرات الخلاّقة والروح المتألّقة التي يمتلكونها، ولكنها لم تترجم إلى أعمالٍ موسيقيّة أو غنائيةٍ واضحة الحدود والمعالم تلبي حاجة المجتمع.
وهذا ينسحب على الأعم الأغلب مما يتم تقديمه في سورية بشكل عام باستثناء بعض الحالات الخاصة التي يمكن اعتبارها منجزات إبداعية.
أما عن الأسباب التي تقف خلف هذا الركود فهي متعددة بعضها موضوعي وبعضها الآخر ذاتي، لا يتّسع المجال للخوض فيها.

الفعاليات الموسيقية الأكثر حضوراً
أما الشاعر ذو الفقار الخضر فقال: تتنوع الاهتمامات الثقافية في هذه الأيام والسنوات الأخيرة من حيث التوجه أو الانحياز لنوع محدد من الفنون، فبظل الأزمة التي نعيشها نجد أن التوجه السابق أو الانقسام الذي كنا نجده بين شرائح المثقفين قد اختفى أو يكاد أن يكون معدوماً، وأنا أتكلم من خلال متابعتي لكافة النشاطات التي تجري في محافظة حمص طبعاً حسب توفر الظرف المناسب للحضور ومن خلال متابعتي لكافة النشاطات وجدت ان الحضور الجماهيري المكثف يكون في الفعاليات الموسيقية بشكل خاص من الأمسيات الموسيقية بشقيها الغنائي أو الموسيقي البحت أو العروض المسرحية من الفرق التي تأتي من كافة المحافظات طبعاً في ظل التغطية الاعلامية وخاصة الإلكترونية عبر صفحات التواصل في ظل انعدام لمتابعة التلفزيون أو الإذاعة في ظل ظروف الانقطاع الطويل للتيار الكهربائي والملاحظ من متابعي هذه الفعاليات التي ازدهرت في فترة استلام الكادر القيادي لمديرية الثقافة في محافظة حمص، إن كان من رأس الهرم الأستاذ المبدع حسان لباد الذي لا يدخر أي جهد لإحضار كافة الفرق المسرحية أو الموسيقية أو الفنانين الذين لهم جمهور واسع وعريض، والملاحظ وجود كافة الشرائح الاجتماعية في هذه العروض وعدم اقتصار الحضور على فئة الشباب، وهذا الحضور يتناقص في الأمسيات الشعرية أو النقدية ويكون كبيراً في احتفالات توقيع الدواوين الشعرية لعدد من الأدباء حيث لوحظ وجود عدد كبير من الحضور ومن كافة الشرائح.
يتجلى الإبداع في الدراما
وأضافت الفنانة التشكيلية سميرة مدور: الإبداع الرائج إذا اعتبرنا أنه إبداع هو الدراما لأن انتشارها أسرع بكثير من باقي أنواع الإبداع من خلال المسلسلات ورؤيتها بسهولة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلتها متاحة للجميع صوتاً وصورة وانبهار الناس بالممثلين والممثلات وخاصة عندما يمونون مشهورين، أما باقي أنواع الإبداع فهي تحتاج لمن يتابعها ولنأخذ مثلاً الأعمال الفنية التشكيلية فهي لمن يتذوقها وهم قلة للأسف في هذا الوقت أما إذا رغب باقتنائها فلن يتمكن لارتفاع أسعارها، لذلك يبقى للعمل الدرامي الأولوية من حيث الرواج والمتابعة من قبل جمهور واسع.
المسرح أكثر رواجاً
أما الأديبة الإعلامية ربا العلي فقالت: منذ الالتفات الأول لمظاهر الجمال في الطبيعة والانصات لأصوات الطيور فيها غدا الإنسان مأخوذاً بها، فراح يتفنن بتقليد الإبداع الإلهي رسماً ولوناً وموسيقا، إلا أن اعتماده على تقليد الآخرين وتمثيل نفسه كان بالنسبة له من الأشياء العظيمة التي يفعلها بأن تكون تلك اللوحة الصاخبة الموشاة بالألوان والناطقة بالموسيقا فنراه يختار المسرح سواء أكان صانعاً لما يعرض على خشبته أم مرتاداً لأنشطته لأن المسرح هو صورة الذات الإنسانية، وما يجعله أكثر رواجاً من الفنون الأخرى أن الانسان بطبعه ميال لإيجاد حل فيما يطرحه المسرح من نماذج للحياة من حب ومعاناة واستنصار عنصر الخير في النهاية لإنهاء العقدة.
قد نجد المعارض الفنية والحفلات الموسيقية مملوءة بالزوار لكنهم أقل من رواد المسرح بكثير وإذا ما أجرينا حسبة للحواس في الأنشطة الفنية، فالبصر ينشغل باللوحات، بينما ينشغل البصر والسمع في الحفلات، بعكس فنون المسرح ينشغل فكر الرائي أثناء فرجته إذا نحن نحصل على خلاصة إنسانية تقوم على فكرة بناء الضمير، والذي قلل من الهالة العظيمة للمسرح هو انتشار الفنون المرئية ووصولها إلى الناس وهم في منازلهم لعل الأزمة السورية وسوء الشبكة الكهربائية أعاد للمسرح بعض بهجته وكان ومازال في نظر عشاقه أبو الفنون ولا يعلى عليه.
الشعر يتسيّد الموقف
أما الممثل المسرحي محمد خير الكيلاني فقال: كل فن له عشاقه وكل متذوق يشعر بأن فنه هو الأفضل، فالشعر يتسيّد المشهد من خلال الندوات التي تقام ويلقي شعراء شباب ومخضرمون قصائدهم المتنوعة التي تنال الإعجاب والتصفيق، وتوقيع الكتب للشعراء، وتوزيعها في ندوات وجلسات لعشاق الشاعر الذي يوقع على ديوانه أو كتابه، والنقد الذي نقرؤه أو نستمع إليه لا يأخذ الشكل الأكاديمي الذي تم تدريسه بالمعاهد، وهو ليس أكثر من انطباع فوري عن أي فعالية تقام، والفن التشكيلي له عشاقه على نطاق أضيق من بقية الفنون، فالمعارض التي تقام يتكلف عليها الفنان التشكيلي لذلك له خصوصيه بين الرسامين وعشاقه.
ونأتي للدراما التي تراجعت فالمسرح لا تعرض عليه الأعمال المسرحية التي كانت حمص سباقة إليها، بمهرجاناتها المسرحية بين المحافظات إليها، لتفتدي بها باقي المحافظات، كانت حمص تستقبل بمهرجانها العديد من الفرق المسرحية لتقديم عروضها بينما الآن لا نشاهد إلا الأعمال القليلة الجماعية، واتجه الممثلون لأعمال المونودراما التي تعتمد على ممثل واحد تقليصاً للنفقات واستحواذ أكثر للمكافآت لأن العمل الجماعي تتوزع مكافأته بين العناصر، وهذا ما يجعل العمل الجماعي أقل حضوراً في المشهد المسرحي.                   

العدد 1162 –  10-10-2023

آخر الأخبار
عثمان لـ"الثورة": توفير القمح بالتعاون مع العراق مستمر دير الزور.. منظمات مانحة تدعم تنفيذ مشاريع المياه خطوط الصرف الصحي خارج الخدمة في الحسينية.. والبلدية تعمل على الحل انتقادات مصرية لمطالبات ترامب بشأن قناة السويس الفاعل مجهول.. تكرار سرقة مراكز تحويل الكهرباء في "عرطوز والفضل" Shafaq News : مؤتمر للأكراد لصياغة موقف موحد لمستقبل سوري دمشق وبغداد.. نحو مبدأ "علاقة إستراتيجية جديدة" "الأونروا": نفاد إمدادات الطحين من غزة الاحتلال يقتل 15 صحفياً فلسطينياً بأقل من 4 أشهر درعا: مناقشة خطط زراعة البطاطا في المحافظة خطة لدعم التجارة الخارجية وإرساء اقتصاد السوق الحر في ظلّ تداولات وهمية.. سعيد لـ"الثورة": وضع إطار تشريعي للتعامل بـ"الفوركس" الفنادق التراثية.. تجربة مشوقة للإقامة داخل المدن القديمة "مياه دمشق وريفها" تقرع جرس الإنذار وترفع حالة الطوارئ "طرطوس" 20 بالمئة إسطوانات الغاز التالفة "نيويورك تايمز" ترجح أن يكون "وقود صاروخي" سبب الانفجار في ميناء إيراني تطوير خدمات بلديات قرى بانياس وصافيتا "صحة درعا".. أكثر من 293 ألف خدمة خلال الربع الأول هل تُواجه إيران مصير أوكرانيا؟ نمذجة معلومات البناء(BIM) في عمليات إعادة إعمار سوريا