من داخل أسطر الاتفاق..!!

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
ستون خرقاً سجله مركز المراقبة الروسية خلال أقل من ثمانية وأربعين ساعة ولم يردّ عليها الجيش السوري، يعني بحسبة بسيطة أن هناك خرقاً ويزيد كل ساعة، أو بلغة السياسة إن هناك من لا يريد أن يلتزم بالاتفاق، ولا يريد له أن ينفذ في الحد الأدنى، أو بمصطلح الاستنتاج أن أميركا ليست جادة في تعهداتها التي قطعتها بإلزام التنظيمات الإرهابية المحسوبة في خانة «اعتدالها» بما تم الاتفاق عليه.

هذا يقودنا إلى احتمالين لا ثالث لهما مفاد الأول أن أميركا لا تستطيع أن تلزم تلك التنظيمات أو مشغليها الإقليميين كما بات معروفا للجميع، وهو احتمال يبدو غير منطقي ولا واقعي، وليس من الحكمة الأخذ فيه أو حتى التفكير بإمكانيته، والثاني وهو الأرجح أن أميركا لا تريد أن تلزمها، وليست بوارد الإيفاء بما تعهدت به، وفي الحد الأدنى تريد المبازرة فيهما والابتزاز بالوقت حتى إشعار آخر، وفي بعض جوانبه أنه الطريق الوحيد لإشغال المشهد بمزيد من الجدل الذي لا طائل منه سوى إضاعة الفرص المتاحة، الواحدة تلو الأخرى.‏

يضاف إلى هذه وتلك ما تحدثت عنه روسيا بوضوح عن أن البداية في أي تقدم تكون من خلال الفصل بين التنظيمات الإرهابية و«المعتدلين» بالتوصيف الأميركي، وهو أمر كان سبباً كافياً لانهيار كل ما تم الاتفاق عليه في الماضي، وسيكون سبباً وافياً لتعطيل كل ما تم وما قد يتم لاحقاً، حيث تطرحها الدبلوماسية الروسية بصوت مرتفع وتحت عناوين بارزة ولافتة أنه سيكون من المستحيل التقدم في الاتفاق من دون الفصل بين التنظيمات الإرهابية وتلك «المعتدلة»، التي تدافع عنها أميركا طوال سنوات مضت، ويبدو أن الإدارة الحالية ستبقى في موقع الدفاع حتى آخر يوم من وجودها في البيت الأبيض!!‏

الاستحالة التي أشارت إليها روسيا تقابلها استحالة لا نعتقد أن هناك من يستطيع المجادلة فيها حتى لو تعمد أو أراد، وهي أن أميركا من المستحيل أن تفصل حتى لو رغبت أو أرادت ذلك يوماً، ولن تريد..!! لأن هذا التنظيم من ذاك.. والمعتدلون بالتوصيف الأميركي هم عتاة التنظيمات الإرهابية ماضياً، وجميعهم مؤهلون ومهيؤون ليكونوا في الصف الأول حاضرا ومستقبلا، فجبهة النصرة أو جبهة الفتح لاحقا هي خليط متوارث من تلك التنظيمات، ومن ليس من أصلها تحالف معها، ومن لم يتحالف انضم إليها رسمياً، ومن غادرها يوماً لأسباب مختلفة يعلن استعداده للعودة إليها، والشواهد في أدراج جنيف وغيرها، ولدى دي ميستورا وسواه من المسؤولين الأممين ما يكفي لتوثيق كل ما مضى وما قد يأتي في المستقبل.‏

بين هذه وتلك تبدو المعضلة قائمة منذ البداية، وحاضرة حتى النهاية، حيث الاستحالة الأولى تواجهها الثانية إلى حد التناقض، وحين تكون الأولى أمراً معمولاً في السياق السياسي والدبلوماسية فإن الثانية قائمة في الميدان وفي غرف الاستخبارات، وداخل مكاتب التنسيق التي أنشأتها أميركا وكالة عن غيرها أو أصالة عن نفسها، وغرف إدارة عمليات الإرهابيين ومخططاتهم الجارية في الجوار السوري شاهد إثبات على معرفة وثيقة بتفاصيل التلون السياسي وغير السياسي في مشهد التنظيمات الإرهابية.‏

العودة إلى المشهد من حيث بدأ ومن حيث كان يجب أن يكون، إذ ليس هناك في الدنيا كلها إرهاب معتدل وآخر متطرف، بل الإرهاب هو ذاته تطرف أم اعتدل.. كان وفق المزاج الأميركي أم خالفه ببعض جزئياته، أو شق عصا طاعته، وغير ذلك إضاعة للوقت، وستون خرقاً في أقل من ثمانية وأربعين ساعة تكفي لقراءة العنوان لمشهد اليوم التالي، فيما دبلوماسية الهاتف المستخدمة لتهدئة الخواطر لم تعد تجدي نفعاً أمام إرهاب يتحرك ومشغلين إقليميين يستنفرون أقصى إمكانياتهم لتعويض ما خسروه في الميدان.‏

«الاعتدال» في الإرهاب «فانتازيا أوباما الشهيرة»، كانت وستبقى مجرد أحجية للكذب الأميركي، وذريعة لاستمرار النفاق، سواء كان باتفاق أم من دون اتفاق، وما عدا ذلك ليس من الحكمة في شيء التعويل على مشهد يتكرر، واللدغ من الجحر ذاته أمر غير مستحسن ولا مستحب، وثمانية وأربعون ساعة كافية لكي نستدل على الخيط الأبيض من الأسود، وستون خرقاً لإحدى وعشرين فصيلاً تدافع أميركا عن اعتدالهم والبقية الباقية منهم ليست خارجهم، فالمشغلون والممولون والمحتضنون والداعمون على خط البداية، وإن كانت أغلب رهاناتهم تشارف على خط نهايتها، حيث تبقى النقطة الوحيدة المشاهدة في آخر سطر الهدنة أو التهدئة أو الاتفاق أن لا مهادنة مع الإرهاب بتلون أطياف مشغليه أو المستثمرين فيه.. وأن المواجهة معه لا تقبل أنصاف حلول، ولا اتفاقات ترفض أميركا نشرها وتريدها أن تبقى في الأدراج..‏

المعركة مفتوحة، حيث يكون الإرهاب إرهاباً، والمشغلون يتشاركون الجريمة ذاتها، أما الساكت الأميركي عن هذا وذاك فربما تصح حينها عليه صفة شيطان وإن لم يكن أخرساً، وليسدل الستار بعدها على آخر فصول تلك الفانتازيا.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
كيف يواجه المواطن في حلب غلاء المعيشة؟ إزالة أنقاض في حي جوبر بدمشق ريف دمشق: تأهيل ٩ مراكز صحية.. وتزويد ثلاثة بالطاقة الشمسية جامعة دمشق تتقدم ٢٤٠ مرتبة في التصنيف العالمي إطلاق القاعدة الوطنية الموحدة لسجلات العاملين في الدولة ما هي أبرز قراراته المثيرة للجدل؟ شعبية ترامب تتراجع بعد مئة يوم على توليه منصبه  الأمم المتحدة تدعو لرفع العقوبات والاستثمار في سوريا الأوروبي" يواجه تحديات خارجية وداخلية.. فهل يتجاوزها ويصل إلى الحالة "التكاملية"؟ إعلام غربي يدعو للاستفادة من المتغيرات الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة The NewArab:  محادثات الشيباني وميلز ركزت على فرص تحسين العلاقات بين دمشق وإدارة ترامب مصر والسعودية تؤكدان ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا  حملة "شفاء".. عمليات جراحية نوعية في اللاذقية المصالح العقارية تضاهي "المركزي" بأهميتها..  خبير عقاري لـ"الثورة": الملكيات مُصانة ولا يمكن تهر... غلوبال تايمز: واشنطن بالغت في إبعاد الصين عن التجارة العالمية مظاهرات احتجاجية في تركيا وباكستان واندونيسيا..  عشرات الشهداء بمجازر جديدة للاحتلال في غزة الأمم المتحدة تدعو "الحوثيين" للإفراج الفوري عن جميع موظفيها المحتجزين تعسفياً  خارطة الخيارات الاستثمارية الحالية رهينة الملاذات الآمنة 70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس