الخلاف الصغير والتسويف الكبير..!!

 ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
يتفق الروسي مع الأميركي على توصيف الخلاف المتبقي بـ«الصغير»، وأحياناً بالتقني الذي يستلزم في العادة جهود الفنيين أكثر مما يتطلب تدخل السياسيين إذا ما صح التوصيف، لكن ما يرشح من خلف الأبواب المغلقة تحضيراً للقاء لافروف كيري المتأرجح بين التأكيد والنفي، يؤشر إلى ما هو أبعد من خلاف صغير، وفي الحد الأدنى يدلل على عملية تسويف كبرى تمارسها أميركا حتى النهاية.

فكلام الدبلوماسية الروسية الذي جاء على لسان نائب وزير الخارجية ريباكوف عن الحاجة لتوفر الإرادة السياسية من أجل ردم هوة الخلاف، قد وضع الإصبع على الجرح النازف في الجهد الدولي، والذي قد يحوّل أي خلاف صغير إلى هوة كبيرة، بل في بعضها يمكن أن يتسبب في إجهاض أي اتفاق.‏

من هذه النقطة.. يبدو أن المقاربات لا تقاس بحجم الخلاف بقدر ما تتعلق بمدى توفر الإرادة لتجاوز الخلاف أو للتوصل إلى اتفاق، وهو ينسحب على الحل السياسي، كما يشمل مسألة مكافحة الإرهاب، وبالتجربة كانت إرادة الفعل الأميركية غائبة في كل الأوقات إلا باتجاه تعطيل الحل وتأجيج الصراع، عبر دعم التنظيمات الإرهابية بشكل مباشر أو عبر مشغليها، أو من خلال التغاضي عن ممارساتهم، وتجيير التطورات وقوة الضغط السياسي من أجل تغليب مصلحة الإبقاء على بؤر الإرهاب على سائر الاعتبارات الأخرى، رغم ما تمثله من خطر وشيك ومحدق بدول العالم وليس في المنطقة فحسب.‏

وعليه، كان من الصعب التعويل على التمنيات التي تحكم في كثير من الأحيان الاستنتاجات المتسرعة، وتحديداً ما يتعلق بالروزنامة الزمنية والتواريخ التي تحاكي في أغلب الأحيان حسابات ومعادلات افتراضية أكثر منها واقعية، وما يزيد في الطنبور نغماً التسريبات الأميركية المتعمدة التي تشتمل على حد أعلى من الأكاذيب.. يجري تسويقها على أساس بالونات اختبار تقف خلفها نيات أميركية للاصطياد في مائها العكر الناتج عن الخلط بين الممكن والمتاح، وبين ما ترغب به الإدارة الأميركية وتروّج له.‏

على هذه القاعدة، يصعب فهم اللقاء بين كيري ولافروف المفترض خارج سياق سياسة تمضية الوقت، رغم ما يلوح في الأفق من نصف اختلاف تتهدده أنصاف حلول تحمل في طياتها بذور إجهاض أي اتفاق بما يتضمنه من نقاط ضعف لا تريد الإدارة الأميركية تجفيف حضورها بعد أن تبنت رؤية التنظيمات الإرهابية، وأن تبقيها نواطير تخريب صالحة للاستخدام لحظة الحاجة الأميركية أو إحساسها بالحرج السياسي، حيث سيكون تحييد أي اتفاق مجرد تحصيل حاصل ينتج في أغلبه عن أوامر عمل أميركية مسبقة.‏

وأقصى ما يمكن أن يحققه اللقاء إن حصل في النهاية أنه سيدرج على لائحة الأرقام القياسية لعدد اللقاءات الثنائية، التي يفاخر بها كيري ويعوّل عليها لتبرير الفشل في إنجاز الاتفاق، حيث يصبح الخلاف الصغير كافياً ليطيل زمن المباحثات ويضيف رقماً جديداً إلى عددها، فيما سيكون شاهداً أيضاً على هوة تتسع وفق الحاجة لإضاعة الوقت الذي تستهلك فيه أميركا طروحاتها أمام الإعلام، في حين إن ما يجري خلف الأبواب المغلقة يبقى خلفها، ولا مكان له في التنفيذ على الأرض إلا بالشكل المقلوب والمعكوس، بحيث يكون هنا كمفخخات إضافية تم تحضيرها في بيان أعداء الشعب السوري، الذي يعود إلى نفض الغبار عن معارضة تآكلت بفعل الزمن.‏

ما يؤكد حتمية المشهد التالي، المشابه لجميع اللقاءات التي سبقته، أنه سيحاط بكثير من التفسير والشرح، وسنسمع كلاماً إضافياً عن الضرورات والحتميات والمسلمات، لكن في الوقت نفسه ما نلمسه ليس أكثر من تسويف جديد وبلغة قد تحمل بعض المصطلحات الإضافية، وسيكون بالانتظار جولة تصعيد في الميدان بأوامر أميركية وبتنفيذ مباشر من المشغلين الإقليميين، حيث العودة التركية إلى الحديث عن الاستعداد لتكون أكثر مطواعية مع الطرح الأميركي، يعني تسخيناً إضافياً يعقّد الأوضاع ويزيد من تأزمها، فيما كانت لغة شركاء نظام أردوغان في دعم الإرهاب تتردد في أروقة الفنادق البريطانية بحثاً عن مخارج إضافية وممرات تنسيق ضاعت وسط التطورات الأخيرة.‏

أميركا التي تختلف هنا وتتفق هناك هي ذاتها التي تتناغم في طروحاتها مع الإرهابيين وتنظيماتهم، وهي ذاتها التي تغضّ الطرف عن ممولي الإرهاب وداعميه، ولن تكون غير ذلك، سواء صَغُرَ الخلاف أم كبر، وسواء ضاقت الهوة أم اتسعت، والفارق الوحيد شكل التسويف أو مشهد الذريعة التي تُحضّر على لسان الدبلوماسية الأميركية، أو تخرج من أفواه قادة البنتاغون والتي يتردد صداها في كنف المشغلين.. اختلفوا في مقاربتها أم اتفقوا ..!!‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
كيف يواجه المواطن في حلب غلاء المعيشة؟ إزالة أنقاض في حي جوبر بدمشق ريف دمشق: تأهيل ٩ مراكز صحية.. وتزويد ثلاثة بالطاقة الشمسية جامعة دمشق تتقدم ٢٤٠ مرتبة في التصنيف العالمي إطلاق القاعدة الوطنية الموحدة لسجلات العاملين في الدولة ما هي أبرز قراراته المثيرة للجدل؟ شعبية ترامب تتراجع بعد مئة يوم على توليه منصبه  الأمم المتحدة تدعو لرفع العقوبات والاستثمار في سوريا الأوروبي" يواجه تحديات خارجية وداخلية.. فهل يتجاوزها ويصل إلى الحالة "التكاملية"؟ إعلام غربي يدعو للاستفادة من المتغيرات الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة The NewArab:  محادثات الشيباني وميلز ركزت على فرص تحسين العلاقات بين دمشق وإدارة ترامب مصر والسعودية تؤكدان ضرورة الحفاظ على وحدة سوريا  حملة "شفاء".. عمليات جراحية نوعية في اللاذقية المصالح العقارية تضاهي "المركزي" بأهميتها..  خبير عقاري لـ"الثورة": الملكيات مُصانة ولا يمكن تهر... غلوبال تايمز: واشنطن بالغت في إبعاد الصين عن التجارة العالمية مظاهرات احتجاجية في تركيا وباكستان واندونيسيا..  عشرات الشهداء بمجازر جديدة للاحتلال في غزة الأمم المتحدة تدعو "الحوثيين" للإفراج الفوري عن جميع موظفيها المحتجزين تعسفياً  خارطة الخيارات الاستثمارية الحالية رهينة الملاذات الآمنة 70 بالمئة من طاقة المصانع معطّلة... والحل بإحياء الإنتاج المحلي  استفزاز إسرائيلي جديد.. زامير يتجول بمناطق محتلة في سوريا الفاتيكان يعلن وفاة البابا فرنسيس