الثورة :
تُظهر التطورات الأخيرة على الساحة الاقتصادية مؤشرات واضحة على مرحلة انفتاح استثماري مدروس، تقودها الحكومة بهدف استقطاب رؤوس الأموال العربية والدولية وتحفيز النمو، بالتوازي مع التخفيف الجزئي للعقوبات الغربية المفروضة على البلاد.
تعاون صناعي سوري – صيني: مشاريع قيد التفاوض
في هذا السياق، استقبل وزير الاقتصاد والصناعة، محمد نضال الشعار، يوم الخميس 3 تموز/يوليو، وفداً من مجموعة Wangkang Group الصينية في مقر الوزارة بدمشق، لبحث فرص التعاون الصناعي بين الجانبين، وتطرّق اللقاء إلى دراسة مشاريع استراتيجية في قطاعات التصنيع ومواد البناء.
وأكد الوزير الشعار أن الحكومة السورية حريصة على خلق بيئة استثمارية جاذبة عبر تقديم تسهيلات نوعية للاستثمارات التي تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد الوطني، لاسيما تلك التي تساهم في دعم الإنتاج المحلي ونقل التكنولوجيا وخلق فرص العمل.
وتُعد “Wangkang Group” واحدة من أبرز الشركات الخاصة الصينية العاملة في قطاع مواد البناء، ويأتي هذا اللقاء في سياق الجهود المبذولة لجذب الاستثمارات الأجنبية نحو مشاريع إعادة الإعمار والتنمية.
استثمار قطري في القطاع الغذائي بقيمة 250 مليون دولار
بالتزامن، أعلنت شركة بلدنا القطرية عن إطلاق مشروع صناعي ضخم في سوريا لإنتاج الألبان والعصائر، بقيمة تصل إلى 250 مليون دولار، وُصف بأنه الأكبر في مجال الصناعات الغذائية منذ سنوات.
وأوضحت الشركة، المدرجة في بورصة قطر، أن المشروع يأتي ضمن استراتيجيتها للتوسع الإقليمي، وسعيها لتعزيز الأمن الغذائي عبر منتجات طبيعية وصحية تواكب احتياجات السوق المحلية السورية.
وزارة الاقتصاد: الانفتاح سيكون تدريجياً وتحت رقابة
من جانبه، صرّح قاسم كامل، مدير الاتصال الحكومي في وزارة الاقتصاد والصناعة، أن رفع العقوبات شكّل نقطة تحوّل في مسار التعافي، مشدداً على أن الانفتاح الاقتصادي سيكون تدريجياً وتحت رقابة دقيقة، بهدف حماية السوق المحلية من الإغراق والفوضى التجارية.
وأضاف أن الوزارة تعمل على إعداد خارطة طريق اقتصادية جديدة، تتضمن إصلاحات هيكلية ترتكز على دعم الصناعات الوطنية، وزيادة حجم الصادرات، واستقطاب المستثمرين، ضمن رؤية بعيدة المدى لبناء اقتصاد متنوع وتنافسي.
منتدى أردني – سوري تقني مرتقب في دمشق
وفي خطوة تعزز التعاون الثنائي مع دول الجوار، أعلن خليل الحاج توفيق، رئيس غرفتي تجارة الأردن وعمّان، عن التحضير لعقد منتدى اقتصادي وتقني أردني – سوري في دمشق خلال شهر تموز الجاري.
وسيركز المنتدى على تكنولوجيا المعلومات والصناعات التقنية، إذ أشار الحاج توفيق إلى أن الأردن يمتلك خبرات واسعة في هذا المجال، معرباً عن استعداد القطاع الخاص الأردني للمساهمة في إعادة الإعمار في سوريا، وداعياً الدول العربية إلى لعب دور فاعل في هذه المرحلة.
تعاون طاقي أردني – سوري: الغاز والكهرباء والمياه
وعلى مستوى الطاقة، عُقد في العاصمة الأردنية عمان اجتماع موسع بين وزير الطاقة السوري محمد البشير ونظيره الأردني صالح الخرابشة، تم خلاله بحث ملفات استراتيجية تشمل “زيادة كميات الغاز الطبيعي الموردة إلى سوريا، وتأهيل خط الربط الكهربائي بدعم من البنك الدولي”
كذلك “مشاريع في مجال الطاقة المتجددة، والتنسيق بشأن اتفاقيات المياه، وخصوصاً ملف حوض اليرموك، ودراسة التبادل الكهربائي بتمويل من الصندوق العربي للإنماء”، ويُنظر إلى هذه الخطوة كإعادة تفعيل للتنسيق بين البلدين بعد سنوات من الجمود.
مشروع إعلامي طموح: مدينة “بوابة دمشق” للإنتاج الفني
وفي بادرة جديدة لدعم قطاع الإعلام والثقافة، وقّعت وزارة الإعلام السورية مذكرة تفاهم مع شركة المها الدولية لإطلاق مشروع “بوابة دمشق” للإنتاج الإعلامي والفني، برعاية الرئيس أحمد الشرع.
ويهدف المشروع إلى تأسيس بنية تحتية متكاملة لصناعة الإعلام، تشمل استوديوهات ومرافق تقنية ولوجستية، تستهدف دعم الإنتاج المحلي واستقطاب الأعمال الإقليمية، إضافة إلى توفير فرص تدريب وتشغيل للكوادر السورية.
المشهد العام: اقتصاد سوري نحو التحوّل
تشهد سوريا حالياً حراكاً اقتصادياً متسارعاً، يتركّز على استقطاب الاستثمارات وتنفيذ مشاريع نوعية في مختلف القطاعات، وبينما تتباين التقديرات حول حجم التحوّل المرتقب، فإن المسار الذي بدأت الحكومة ترسمه يوحي بانفتاح اقتصادي منضبط، يسعى إلى تجاوز تداعيات الحرب، وتعزيز الثقة بالبيئة الاستثمارية من خلال الشفافية، وتفعيل القوانين، وضمان الحقوق.