الثورة – خاص:
تقترب فرنسا من اتخاذ خطوة قانونية غير مسبوقة بحق المخلوع “بشار الأسد”، إذ طالبت النيابة العامة بتثبيت مذكرة التوقيف الصادرة بحقه من قضاة التحقيق، على خلفية اتهامه بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، وتنفيذ هجمات كيميائية استهدفت مدنيين في ريف دمشق خلال صيف عام 2013.
وفي تطوّر لافت، عقدت محكمة النقض الفرنسية – وهي أعلى هيئة قضائية في البلاد – جلسة استماع يوم الجمعة، ناقشت فيها مسألة الحصانة الرئاسية، وطرحت تساؤلات حول ما إذا كانت تلك الحصانة تُسقط في حال الاشتباه بضلوع رئيس دولة في جرائم كبرى مثل جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية.
وتأتي هذه الجلسة عقب مصادقة محكمة الاستئناف في باريس، في يونيو/حزيران 2024، على مذكرة التوقيف الدولية الصادرة بحق الأسد.
النيابة العامة لمكافحة الإرهاب، إلى جانب مكتب المدعي العام في محكمة الاستئناف، كانا قد تقدما بطعن على المذكرة، استناداً إلى القاعدة القانونية التي تمنح رؤساء الدول حصانة كاملة أثناء توليهم لمناصبهم.
غير أن النائب العام في محكمة النقض، ريمي هايتز، طرح رؤية مغايرة، مشيراً إلى أن فرنسا لم تكن تعترف ببشار الأسد كرئيس شرعي لسوريا منذ عام 2012، بسبب الجرائم التي ارتكبها نظامه بحق المدنيين، ما يُتيح استثناءه من مبدأ الحصانة.
وأوضح هايتز أن هذه القضية لا تتعلق فقط بالجوانب القانونية البحتة، بل تمسّ مبدأ المساءلة الدولية، مؤكداً أن بشار الأسد لم يعد يتمتع بشرعية سياسية في نظر الدولة الفرنسية، وهو ما يُضعف أي غطاء قانوني كان يمكن أن يحميه من الملاحقة القضائية.
ومن المقرر أن تصدر محكمة النقض قرارها في الخامس والعشرين من تموز/يوليو الجاري. وفي حال تقرر تثبيت مذكرة التوقيف، فإن ذلك سيشكّل سابقة قانونية دولية ذات أبعاد سياسية وقضائية كبيرة، ويعزّز من توجه القضاء الفرنسي نحو محاسبة المسؤولين عن الجرائم الكبرى، بصرف النظر عن صفاتهم الرسمية.
المذكرة تستند أيضاً إلى ملف اغتيال المواطن الفرنسي السوري صلاح أبو نبوت، البالغ من العمر 59 عاماً، والذي قُتل إثر قصف منزله في مدينة درعا جنوب غرب سوريا، يوم 7 حزيران/يونيو 2017، بواسطة مروحيات تابعة لقوات النظام السوري. وتشير التحقيقات إلى أن الهجوم جرى بأوامر مباشرة من بشار الأسد، الذي وفر الوسائل والتسهيلات لارتكاب الجريمة، وفق ما خلصت إليه العدالة الفرنسية.