الثورة :
بات خيار التوجه الكلي تجاه الإنتاج المحلي فرصة حقيقية لإعادة الألق والحيوية وتعزيز مكانة المنتج ليحل محل المستورد، فالتوجه بات نحو تعزيز وتوسيع قنوات الإنتاج المحلي بكل القطاعات ليكون بذلك الرافعة الاقتصادية للبلاد ،ومن هنا تنبع أهمية ملف تعميق التصنيع والإنتاج المحلي بشقيه الصناعي والزراعي وغيرهما ، باعتبارهما أحد المحاور الرئيسية لتعزيز الاعتماد على المنتج الوطني، والحد من الاستيراد، ورفع مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي. ويجب أن ترتكز كل الخطط المحلية وكل الجهود في إطار خطة أوسع تسعى من خلالها الدولة إلى تقليص الفجوة بين الصادرات والواردات، وتحقيق قدر أكبر من الاكتفاء الذاتي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمناخية التي أثرت سلبا على الإنتاج المحلي الزراعي ، كل ذلك يحتم ضرورة بناء قاعدة إنتاجية محلية قوية ومستدامة.
التحديات كبيرة أمام تحقيق عودة الانطلاقة الواسعة للإنتاج المحلي ، ولا شك لدى الحكومة توجهات وأسس مستقبلية حيال مسائل الاقتصاد ، والاقتراح هنا أيضا ضرورة تعميق التصنيع المحلي واعطاءه بعدا أكثر شمولية ومرونة ،إذ يعد من أبرز الموجبات الحكومية التي تهدف إلى تعزيز تنافسية الصناعة من خلال إحلال المنتجات المحلية محل المستوردة، والعمل على توفير قاعدة صناعية متكاملة من الموردين المحليين ، وحل مشكلة الصناعات المتعثرة بشتى الطرق عبر مساهمات وتفاهمات مع القطاع الخاص مثلا .
الضرورة تستدعي من الحكومة العمل على مسارين متوازيين؛ الأول هو إحياء المصانع المتوقفة، والثاني هو التوسع في بناء مصانع جديدة بالتعاون مع القطاع الخاص، و هذه الجهود ستسهم في رفع الطاقة الإنتاجية، وتحقيق استقرار السوق، وتلبية الطلب المحلي، إلى جانب دعم القدرات التصديرية.
المصانع العامة والخاصة المتعثرة يجب أن تكون في قلب خطط التطوير الصناعي، لأنها منشآت قائمة بالفعل وتوقفت لأسباب خارجة عن الإرادة ،يجب أن تمثل حجر الأساس في استراتيجية تعميق التصنيع المحلي، إذ يُعوَّل على هذه الخطوة إن تمت توفير بدائل وطنية حقيقية للمكونات المستوردة، ما يُسهم في تقوية سلاسل الإمداد وتعزيز مرونة القطاع الصناعي في مواجهة الأزمات العالمية، إلى جانب العمل على رفع كفاءة الإنتاج من خلال التعاون مع مراكز البحوث التكنولوجية، والاستفادة من خبرات القطاع الخاص المحلي.
وأيضا يعاني واقع الإنتاج الزراعي ظروفا صعبة للمتغيرات المناخية وانعكاس ذلك على الإنتاج وتراجع مقاديره وكمياته،وهذا المرفق يحتاج إلى إجراءات داعمة للفلاح وتأمين مستلزمات إنتاجيته ،ولتحقيق الاكتفاء الذاتي ،الأولوية في إمكانية الابتكار والتقدم التكنولوجي.
امر في غاية الأهمية هو السعي إلى جذب استثمارات محلية وأجنبية في قطاعات صناعية وزراعة تُعد ذات أولوية وتفتح كل الأبواب امام محفزات الاستثمار في القطاع المحلي ،وتمتلك سوريا فرصاً ومزايا تنافسية. وتحرص الجهات في هذا الصدد على تهيئة المناخ الصناعي والزراعي المناسب، لاستقطاب المستثمر .
لضمان قفزات إنتاجية محلية يجب تهيئة الأرضية المناسبة لتعزيز عودة الإنتاج الصناعي ،ودعم المنتج الزراعي والفلاح ليكون أكثر حماسة والتوجه للزراعة خاصة بعد ارتفاع قيم مستلزمات الإنتاج الزراعي .
الأجواء مناسبة لتقوية كل معززات الإنتاج المحلي ليكون بديلا قويا كجودة وكسعر أمام المنتجات المماثلة والمنافسة .