رأي.. إشــراقات ما بعـد النهايــة.. جـزء مـن كينونــة..

في رواية «في انتظار ملاك» للكاتب هيلون هابيلا، ثمة نوع من حكمة ينطق بها عرّاف، أو قارئ بخت، متوجّهاً إلى إحدى شخصيات الرواية، ملخصاً رؤيته عن عالمٍ نحيا فيه: «إن الحياة مثل حركة الأمواج مليئة بالصعود والنزول. فنحن نجلس على شطآن الحياة وأيدينا مفتوحة ننتظر ما نتلقاه، ولكن الماء يعرف أكثر مما نعرف ما نحن في حاجة إليه وما نحن لسنا في حاجةٍ إليه. إن الحياة تأخذ منّا ما لسنا بحاجة إليه وتلقيه على شاطئ آخر حيث تكون الحاجة إليه. أحياناً تعيد لنا الحياة ما أخذته وقد صُقل وكُثّف بالملح وعناصر معدنية أخرى. البحر كالموت لا يشكل نهاية بل يشكل بداية، وتحت هذا البحر لا يوجد قاعٌ بل يوجد سطحٌ آخر وهواءٌ آخر»..
يُثير قول العرّاف جملةً من تداعيات.. ويحرّك انتباهنا إلى خيطٍ يسحب بداياتٍ جديدة تغفو في حضن ما نتخيله نهايات..
حلقة من مراحل كل منها تدور وصولاً إلى نهايتها التي تمسك ببداية الأخرى.. كسلسلة يصعب رؤية جزء منها دون الآخر.. لأنها كلٌّ متكامل.
هل يتوجب علينا امتلاك نوع من معرفة محددة تجعلنا قادرين على رؤية ما يستقر في كل قاع.. بحيث نغدو ذوي ملكة استبصار «سطح آخر وهواء آخر» مضمَرين ومخبّأين في كل قاع..؟
لدى بعض المتفائلين رؤيةٌ تصل بهم إلى قدرة استكناه قاع لا يلوذ إليه ولا يستقر فيه إلا كل ثمين وغالٍ.. بينما ما يعوم على السطح فهو الفارغ.. القشور لا غير..
فليس كلُّ قاعٍ نهايةً..
لعل الأمر، بعمومه، يتطلب شطارة العوم والسباحة وصولاً إلى إشراقات ما بعد النهاية/القاع..
والنهاية التي أعنيها هنا، هي نهاية مرحلة العمل الوظيفي والوصول إلى مرحلة التقاعد.
فبين فترة وأخرى يصل بعض الأشخاص المحيطين إلى ختام خدمتهم الوظيفية. منهم من يمتلك خططاً ومشاريع.. بينما يستريح آخرون إلى فراغات النهاية وخواء اللاجدوى.. وكأنما انتهت الحياة ولا سبيل لاسترجاعها.
ما نفعله فيما نمتهن من أعمال ووظائف هو جزء من كينونة وليس كينونتنا كلها.. لكن المشكلة أن بعضها يستتر وراء ما نعتقد أننا لسنا قادرين على إنجاز سواه.. أو يختبئ خلف ما أمضينا سنوات في صنعه بإتقان وبلهفة محبٍّ حقيقي..
غالباً.. يكمن الحل في عدم التماهي فيما نعمل.. وعدم الانصهار في المكان الذي نتواجد فيه غالبية أعمارنا ممارسين شغفنا الأقرب إلى قلبنا.. فثمة شغف آخر سرعان ما نلتقطه حين تنزاح عدسة قلوبنا صوبه.. صوب ما يمنحنا الإحساس الحق بالحياة ودفقها.
هل فكّر بعضنا أن وظائفنا/مهننا، تشكل حاجزاً في وجه عيش الحياة التي رغب بها عمراً ولم يستطع بسبب التزامات وظيفية وواجبات مهنية أخلاقية..؟
في فيلم (رايت فقط) يدور حوار بين (ليزلي رايت، كوين لاطيفا) المختصة بالعلاج الطبيعي وبين من تقوم بعلاجه نجم كرة السلة (سكوت ماكنايت، كومن).. في اللحظة التي يصل بها للتساؤل: عمّن يكون دون قدرته على لعب كرة السلة.. وما الذي يمكنه فعله دون ذلك؟.. ليأتي جواب «رايت»: كرة السلة هي جزء من وجودك.. وليست كل ما أنت عليه.
«الحياة عبارة عن توازن..
إيجاد توازن بين الفعل والوجود..».. فوجودنا متعدد متفرّع ومتشعب.. المهم فيه حقاً مقدار حضورنا الفعلي والحقيقي.. وإدراك ما الشيء المهم والمؤثّر في حياتنا.
لميس علي
lamisali25@yahoo.com
التاريخ: الأربعاء 30-1-2019
رقم العدد : 16897

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم