قمة وارسو والإرث الثقيل..

 

ترسم قمة وارسو الكثير من إشارات الاستفهام، وتطرح العديد من الأسئلة المكتومة والمخصصة على ذمة المنظمين والموجهين بانعقادها لمناقشة الأوضاع في الشرق الأوسط والبحث عن طريقة للتعاطي مع مشكلاته ، في ظل حديث ترتفع وتيرته عن ازدحام في الأجندات، تتجاذبها مجموعة من الأهواء الشخصية، التي أضافت المزيد من الغموض والضبابية، وإن كانت متعمدة بحد ذاتها.
هذا فتح شهية المشاركين على رفع سقف تعاطيهم مع الطروحات، وفي بعضها غلبت عليها التمنيات أكثر مما هي في الواقع، بدليل أن رئيس حكومة العدوان الإسرائيلي غرد بعيداً في مطالبه وباتت القمة بالنسبة له أكبر من حجمها وتفوق طاقتها، حيث يحاول أن يشرعن عدوانيته على الآخرين.
الاهتمام الأميركي أعطى زخماً للقمة لم يكن متاحاً لها أن تبصر النور من دونه، وفي بعض الكواليس يجري الحديث عن مذكرات جلب تم توزيعها على المشاركين من دون جدول أعمال واضح، ومن غير أن تحدد العناوين، والأكثر من ذلك عدم الأخذ بالهواجس التي أبدتها بعض الأطراف لجهة التحذير من مخاطر الفشل شبه المحتم.
فمشاركة نائب الرئيس الأميركي ووزير خارجيته تعكس ذلك الاهتمام، بينما تتكفل الكواليس بشرح مسهب لطبيعة اللقاءات الثنائية التي تفوق تلك الرسمية وخصوصاً ما يرتبط منها بالدور الإسرائيلي في التحريض، ومحاولة جرّ الأمور إلى حيث يتوهم نتنياهو أن بإمكانه أن يخفي خيباته المتعددة التي باتت تطفو على السطح بشكل نافر.
ما يرشح عن الترتيبات التي تقدم عليها الإدارة الأميركية يشي بأن التعويل ليس على المخرجات ومدى جديتها والجدوى منها، والتي تطرح عشرات الأسئلة، بقدر ما يعول على الانعكاسات المباشرة على الحراك الإقليمي، وفي مقدمته التشويش على قمة سوتشي، حيث التزامن هنا ليس بريئاً بدليل عدد وحجم الأجندات التي تحملها القمة في بولندا، والتي لا تقتصر على أبعادها الإقليمية، بل سيحضر العامل الجغرافي في نقطتين أساسيتين، الأولى تتعلق بالجوار الروسي، والثانية ترتبط بالدور البولندي في المرحلة المقبلة.
هذا لا يقلل من العوامل التي تدفع إلى الجزم بأن السياق المرتبط بالقمة هو محاولة محمومة لملء فراغ بدأ الجميع بتلمس محدداته، وخصوصاً أنه ناتج بالأساس عن إعادة تموضع سياسي أميركي، ترك مساحات باتت الأدوات الأميركية تدرك مدى اتساعها، وإحساسها بالعجز عن القدرة على سد تلك الأمكنة الشاغرة على امتداد الدور الوظيفي المهمش.
بولندا الباحثة عن مشهد يعيد عاصمتها إلى مداولات السياسة، حالها في ذلك حال الكثيرين ممن اضطروا للمشاركة، تصطدم بالكرة التي تجد نفسها مضطرة لمجاراتها أو اللحاق بها وسط مخاوف من الارتداد العكسي، حيث ما ستجنيه من القمة أقل بكثير من المتاعب التي ستواجهها، فالامتعاض الأوروبي لنقل الثقل السياسي يترك ثغرات فاضحة في الترتيب والدور.
وارسو.. التي كانت ترتبط حتى وقت قريب بذاكرة الحرب الباردة وتجاذباتها، تعيد إعلان فتيل إطلاقها وهي في الكفة الأخرى المغايرة، وتجتهد عموماً لإعادة تنسيق المشهد ليكون على مقاس تمنيات تخالفها فيها الوقائع والمعطيات وحتى القرارات، خصوصاً في ظل تذمر وامتعاض الكثير من الأوربيين ومجمل جوارها الجغرافي..!!

بقلم رئيس التحرير علـي قـاسـم
a.ka667@yahoo.com

 

التاريخ: الأثنين 11-2-2019
رقم العدد : 16906

آخر الأخبار
الدكتور الشرع: تفعيل اختصاصات الصحة العامة والنظم الصحية للارتقاء بالقطاع وصول الغاز الطبيعي إلى محطة دير علي.. الوزير شقروق: المبادرة القطرية ستزيد ساعات التغذية الكهربائية مرحلة جديدة تقوم على القانون والمؤسسات.. الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري ويشكل مجلساً للأمن القو... الرئيس الشرع يوقِّع مسودة الإعلان الدستوري تاريخ جديد لسوريا وفاتحة خير للشعب غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا "The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية