عندما نتحدث عن ثقافة الطفل فنحن نتحدث عن تحديات كبيرة أهمها العولمة لاسيما التكنولوجيا الحديثة التي كان للأطفال النصيب الأكبر للانخراط في ثناياها ما أبعدهم عن تقاليدنا ومفاهيمنا.
وهنا يأتي دور الأهل الذي يعكس مدى ثقافتهم ووعيهم فمنهم من جعل من أدمغة أطفالهم انعكاسا أصفر لانفتاحهم ورقيهم الزائف ووضعوا بين أيديهم تكنولوجيا حديثة جعلتهم يخوضون في حياة مقتبسة خالية من براءة فكر ومنطق دون أن يعوا ما قد يقودهم إليه هذا التطور الأحمق في محاولة للحاق بأقرانهم ممن يقتنونه فيجدون أنفسهم في عالم افتراضي، تشدهم فيه مشاهد العنف وتتملكهم نزعة الغالب والمغلوب فيعيشون حياة القرصنة بعفويتهم مستمتعين بادوار البطولة.
هذه الأدوار يرون فيها نافذة إلى عالم خيالي مرح ينغمسون فيما يدسه في نفوسهم من سموم فنرى أطفالنا يقضون ساعات وساعات داخل جدران منازلهم في عزلة يغادرون عائلاتهم بعقولهم ناسين حميمية العائلة وقدسية الأخوة،غير مدركين معاني الأسرة المترابطة رفيقتهم شاشات مضاءة تنال من أبصارهم وتحط من عزيمة أجسامهم فتنتزع طاقاتهم و تخمد مواهبهم دون رقابة أو توجيه لما قد يكون لهذه الأجهزة من دور سلبي يكسب أطفالهم ثقافة هشة تفقدهم مهارة البحث وتبعدهم عن الابداع والابتكار فالمعلومة جاهزة للتلقي دون عناء أو جهد يغني مداركهم فلا يتكبدون عناء السؤال وعذاب المعرفة .
إلا أننا لا يمكن أن نعزل الطفل عن هذه التكنولوجيا ونلزمه بأن يتخذ من الكتاب رفيقا ومن القراءة هواية لأوقات فراغه،فمواجهة هذا التحديات يجب أن تكون بترشيد استخدام هذه التكنولوجيا في أوقات فراغه وبساعات محددة من قبل الأهل , كما أن للمدرسة الدور الأهم في جذب تلاميذها إلى ثقافة موجهة تثري عقولهم.ومن يكمل هذا الدور وذاك هو الإعلام.
فبالتحكم وضبط المحتوى الذي بين أيديهم وبتهيئة البيئة الجاذبة للطفل يمكن أن نأخذه نحو ثقافة تحفز تطوره ونموه العقلي،وتكون أسلوبا منتجا في التعليم الحديث لتتحول من تكنولوجيا هادمة إلى هادفة .
فطوبى لمن علم أطفالهم كيف يستثمرون هذه التقنيات دون أن تستثمرهم.
نوار حيدر
التاريخ: الثلاثاء 9-4-2019
رقم العدد : 16952