منذ سنوات كان العالم يصحو يومياً على لعبة خطيرة، تقودها شركات أميركا وأجهزة استخباراتها، تبدأ من الترويج لقدوم أنفلونزا خطيرة تتهدد البشرية، ثم تتحول الكذبة إلى حقيقة عبر نشر الفيروسات في دول معينة تتبعها عمليات بيع أدوية مضادة بمليارات الدولارات، وكان نصيب البقرة العربية الأكبر في عمليات الحلب والنصب والاحتيال.
لكن ألم تلاحظوا أنه لم نعد نسمع (منذ ظهور داعش) بحلقات المسلسل الهوليودي الرهيب أنفلونزا الطيور وأشقائها؟ ألم يخفت بريقها على محطات التلفزة بعد أن كانت هذه الأخيرة تستنفر لتثير رعب الشعوب بأخبارها، ولم تعد شركات الأدوية الاحتكارية تتسابق للطش المليارات من بيع لقاحاتها؟!.
ويا للمصادفة العجيبة حين كانت الدول العربية النفطية تستنفر دون سواها أثناء موسم الحج إلى مكة المكرمة مثلاً لتقف سداً منيعاً بوجه الخطر القادم تحت مسمى أنفلونزا الطيور، ثم تمسي الدول ذاتها في موسم الحج الذي يليه على هلع شقيقتها أنفلونزا الخنازير، ولم تكن سيرة الفيروس الأخير بالكاد تتلاشى حتى كنا نحبس أنفاسنا خوفاً من الإيبولا وجنون البقر والسارس وكورونا.
ويا للمصادفة الأعجب حين توقفت استخبارات أميركا منذ عدة سنوات عن تسويق مسرحيات الفيروسات ومضاداتها، وأفلام الرعب المرافقة لها، وكأن العالم شفي منها.
أما لماذا؟! فبرأيي لأن تلك الأجهزة العدوانية اخترعت أخطر فيروس في القرن الحادي والعشرين، وأدركت أنها ستجني من الاستثمار به تريليونات الدولارات دفعة واحدة، ولا حاجة بالتالي لأنفلونزا الطيور والبقر، التي باتت لعبة صغيرة أمام هذا الوافد الأخطر، الفيروس الداعشي المتطرف.
فهذا الوافد الخطير، رافق ظهوره أفلام فيديو صادمة تحبس الأنفاس، وتدفع حكومات ودول إلى تقديم الطاعة والمال والسيادة لأميركا، وتنفذ أوامرها في حرب الإرهاب المزعومة التي ادعت واشنطن القيام بها ضده، مع أنها أنتجته في أقبية استخباراتها كما أنتجت الفيروسات إياها في مختبراتها.
حجبت أخبار تلك الفيروسات عن العالم بعد أن وجدت السي آي إيه ضالتها بالأنفلونزا الداعشية، مرعبة البشر، ومحققة الربح القذر، ونبش الحقد والشر، وتصفية الحسابات الإقليمية والدولية، وتغيير الخرائط السياسية والاقتصادية كما تشتهي سفن أميركا وأطماعها.
وكان يفترض، لولا ظهور فزاعة داعش ولعبتها الكبرى، أن تستمر هوليود بإنتاج موجات متوقعة من الأنفلونزا كل عام، كأنفلونزا التيوس مثلاً أو حتى لعنة الفراعنة والشياطين والأشباح، ولكن أصحاب الوكالة الحصرية توقفوا عن إنتاج الألاعيب الصغيرة والتفرغ للموجة الكبيرة التي تجمع كل قذارات العالم.
لما لا؟! وقد أصبح لدى اللعّيبة وافد جديد أهم وأدهى وأمرّ وأربح وأشد رعباً وفتكاً وهلعاً من كل الأنفلونزات المخترعة، وبات دعس المنطقة ودعشنة خرائطها وشيطنة شعوبها، مع كل ما يقتضيه ذلك من مد عمر أزماتها، سيد المشهد العالمي برمته، فواعجباه!.
كتب أحمد حمادة
التاريخ: الخميس 18-4-2019
رقم العدد : 16960