حملة مكافحة مرض عين الطاووس في طرطوس بين مؤيد ومعارض.. الفلاحون:حملة الرش غير مجدية والبديل حملة تطعيم بأصناف مقاومة للمرض والظروف الاستثنائية
أثبتت الدراسات التاريخية والاكتشافات الأثرية أن سورية هي الموطن الأصلي لزراعة الزيتون التي يعود تاريخها لنحو ستة آلاف عام ,وأن شجرة الزيتون المباركة ترتبط بشكل وثيق بحياة الناس وتقاليدهم ويعد انتاجها من الزيتون والزيت مصدر رزق لأعداد كبيرة من المواطنين وأحد دعائم الاقتصاد الوطني ,ويعتبر زيت الزيتون غذاءً صحياً وذا فائدة طبية للعديد من الأمراض
وللعلم تبلغ المساحة المزروعة بالزيتون في محافظة طرطوس نحو / 70 /الف هكتار تحوي نحو / 10 /ملايين شجرة معظمها في طور الإثمار ويملكها ويعمل بها بشكل مباشر أو غير مباشر عشرات الآلاف من العائلات وتشكّل أحد مصادر الدخل الرئيسية لأكثر من سبعين بالمئة من السكان
مشكلات وأمراض
رغم ماتقدم نجد ان هذه الزراعة تواجه مشكلات عديدة وتتعرض لأمراض مختلفة تهددها بخطر محدق في محافظة طرطوس التي كان انتاجها شبه معدوم الموسم الماضي بسبب الظروف الجوية وغيرها ,ويخشى الكثيرون أن يكون انتاج العام الحالي ضعيفاً بسبب مرض تبقع عين الطاووس ولأسباب أخرى ..أمام هذا الواقع المر وفي ضوء حملة رش المساحات المصابة بهذا المرض التي دعت اليها وزارة الزراعة عبر مديريتها في طرطوس وأعلنت عن بدايتها في الأول من آذار الماضي كان لابدّ من المتابعة الجادة من قبل (الثورة) خاصة أن الحملة تعثرت بسبب الأمطار المستمرة,وأن الإمكانات التي وفرتها الزراعة للحملة ضعيفة,وأن الكثير من الفلاحين لم يتحمسوا للرش إما لعدم قدرتهم على تأمين الدواء أو لتقصير منهم في خدمة أشجارهم,وأن بعض المختصين لم يجدوا فائدة من الرش وطالبوا بحملة لتطعيم المساحات المصابة التي وصلت برأي البعض لنحو عشرة آلاف هكتاربأصناف متحملة أو مقاومة للمرض ..الخ
آراء بالحملة
بعد أن زادت المساحات المصابة بالمرض وتعدت العتبة الاقتصادية أعلنت الزراعة عن حملة لرش الأشجار المصابة وقررت أن تقدم الجرار والمرش وآلات المكافحة والمحروقات مجانا لكل فلاح يبادر ويقدم المبيدات (جهازي+ملامسة)وعامل الرش ويطلب الرش ,وفي إطار متابعتنا لمعرفة رأي الفلاحين المختصين بالحملة ومدى إمكانية نجاحها أجرينا لقاءات مع عدد منهم حيث رأى المهندس زين الدين يوسف أن الإصابات ليست محصوره ببعض البساتين وإنما أعراض المرض انتشرت على مساحات واسعه وفي معظم المناطق وهذا يستدعي التعاطي معه كوباء وأن تتدخل الدولة عبر الرش الإجباري لكافة الأراضي المزروعه بالزيتون للسرعه ولضمان رش كل البساتين لإنقاذ الموسم والشجرة والمزارع ويعتبر الرش دعماً أو إعانة ..ورأى أبو الطيب أحمد ضرورة تفعيل عمل الوحدات الارشاديه لجهة الكشف على الحقول والاشراف على المكافحه وتقديم كافة مستلزمات ذلك من قبل الزراعه ﻷن الفلاحين لا يملكون الامكانيه للقيام بذلك,وطالب هشام ملحم بتطعيم الأشجار بنوعية تكون مقاومة للمرض فهذا هو الأجدى ,وقال الدكتور كريم معيطة لابدّ من التركيز على إنتاج غراس مقاومة للأمراض ضمن مشاتل مديرية الزراعة حيث إن مديرية الزراعة تنتج غراساً غير نوعية وأنواعاً غير مقاومة للأمراض مما يضطر المزارع إلى تطعيم الغراس بعد ثلاث سنوات من زراعتها مما يؤدي إلى تأخير في الإنتاج من ثلاث إلى أربع سنوات
وأضاف :في العام الماضي تنبهت وزارة الزراعة لذبابة ثمار الزيتون في نهاية آب والمعالجة يجب أن تكون في حزيران حسب نشرات الوزارة
كما تنبهت لمكافحة عين الطاووس في نيسان ونسيت أن مكافحة عين الطاووس يجب أن تكون على مرحلتين الأولى في النصف الثاني لتشرين الثاني والمرحلة الثانية في نيسان حسب النشرة الصادرة عن وزارة الزراعة رقم 473 لعام 2007م
وتساءل :أين الطيران الزراعي الذي كان يقوم برش بساتين الزيتون في أواخر ستينات القرن الماضي ولانعلم عنه شيئاً في القرن الواحد والعشرين..
*محمد حمود قال: من أجل ضمان موسم جيد، لا بدّ من وجود خطة وقائية متكاملة تستمر طيلة العام، تبدأ في اليوم التالي للقطاف، تقليماً، وحراثة، ورشا بالمبيدات الوقائية، لا انتظار تفشي الامراض، من أجل حركة علاجية متأخرة، وغير ذات جدوى، بل هي) صورية)!.
وأضاف:وزارة الزراعة يجب ان توفر للمزارع الأسمدة والمبيدات والآليات بأسعار الكلفة، طالما نحن نتحدث عن أمن الوطن الغذائي.
والعمل على إنتاج انواع جديدة من الزيتون تلائم التغير المناخي الحاصل، وقد انتبه فلاحنا لهذا الامر، لكن المؤسسة المعنية، واكادمييها متاخرون جدا في هذا المضمار!!
المزارع السوري لا يزال يعمل وفق طرق تقليدية توارثها عن أجداده، وهو يحتاج إلى نقلة نوعية على مستوى الوعي الزراعي.
من الواضح أيضاً ضرورة إعادة النظر في المناهج التدريسية الجامعية، التي تركز على الجانب النظري وتهمل العملي، إذ قلما تجد مهندساً زراعياً سورياً يتقن التقليم والتطعيم وسواها من المهارات الزراعية مالم يكن قد تعلمها من مزارع .!!
عين الطاووس وذبابة الزيتون وو…أمراض غير جديدة، لكننا في مؤسساتنا الحكومية نتفاجأ بها كل عام!!!!!!!!!! هل ثمة من يشرح ويفسر الامر..؟
*المهندس عصام الضابط قال: مرض عين الطاووس مستوطن بالوديان وفي الاراضي التي واجهتها شمالية
. وقليلة الشمس ..يعني سلفاً معروفة أنها مناطق مصابة أو معرضة للإصابة وتحتاج لإجراءات احتياطية ببرنامج وقائي باستعمال المبيدات الفطرية .
ومشكلة أراضي محافظتنا أنها جبلية وصعبة ولا يمكن الوصول اليها بسهولة ولا بدّ من زيادة خطة الطرق الزراعية لتسهيل الوصول لأكثرية الأراضي، والأمر الثاني لابدّ من تدخل مديرية الزراعة بالرش الوقائي مع بداية الربيع وقبل التكريس لنحافظ على الورق الأهم لتغذية ثمار الزيتون عن طريق الجرارات وفي حال التعذر إستخدام الطيران الزراعي حسب كل منطقة وهناك إمكانية للتدخل حتى الآن
حملة تطعيم بدل الرش
المهندس نظير عنجاري تحدث قائلاً:
نلاحظ ان وزارة الزراعة تقوم بحملات للمكافحة وتقدم ما تقدر عليه من معدات المكافحة والخبرات بشرط ان يقوم الفلاح بتأمين اليد العاملة ومواد المكافحة . والشرط الاهم ان يقتنع الفلاح بالرش . اما اذا بقيت بعض الحقول من دون مكافحة فالفائدة قليلة من الرش .
لكن هناك أمر اذا قامت به وزارة الزراعة يعتبر الحل الامثل لمرض عين الطاووس . ويوفر هذه النفقات الباهظة كما يوفر احتمال تلوث البيئة بمواد الرش .
وجميع حملات المكافحة التي تقام تبقى قليلة الفاعلية لسببين الاول ظروف الرطوبة السائدة في الساحل . والثاني تعذر القيام بالمكافحة الشاملة لجميع حقول الزيتون .
وبالتالي يبقى الحل هو تطعيم اشجار الزيتون بأصناف مقاومة لعين الطاووس .
وللعلم هناك أصناف لم تتأثر بها ورقة زيتون واحدة مهما كانت الرطوبة عالية .
وللعلم أيضا ان التطعيم يعيد شجرة الزيتون الى الانتاج خلال سنتين بينما مرض عين الطاوس قد يحرم الانتاج لسنين .
ولمن لايعلم ان الاصناف المقاومة لعين الطاووس تتمتع بنسبة زيت عالية
فالمطلوب من وزارة الزراعة القيام بحملة من اجل التطعيم بالاصناف المقاومة لعين الطاووس .
والمطلوب ايضا تأمين خبراء تطعيم مع توفير الاطاعيم من اشجار موثوقة . وهذا افضل من كل ما يقومون به للمكافحة
مع المعنيين في الزراعة
كل ماذكرناه من ملاحظات وآراء ومقترحات إضافة لتساؤلات أخرى طرحناها أمام مدير زراعة طرطوس ورئيس مجلس الزيتون وزيت الزيتون ورئيس دائرة الوقاية ورئيس شعبة الزيتون في مديرية الزراعة خلال استضافة أسرة مكتب (الثورة)لهم لمدة تزيد عن الساعتين منذ بضعة أيام فماذا كانت اجاباتهم؟وماهي اجراءاتهم لمعالجة الواقع(وقاية وعلاجاً)؟
بداية نشير إلى أن تساؤلات المحررين في مكتب الثورة تركزت حول أسباب التأخير في التطعيم بأصناف مقاومة للمرض ,وجدوى الرش الإفرادي ,ومدى إمكانية تنفيذ حملة رش الزامية من قبل الوحدات الإرشادية ,ومتطلبات تفعيل عمل ومهام تلك الوحدات وكوادرها بما في ذلك الجانب الإرشادي والعلاجي,وأسباب التأخير في إقرار خطة تطوير قطاع الزيتون من قبل الحكومة مع وضع البرامج التنفيذية لهذه الخطة ..الخ
*بدوره سامي الخطيب رئيس مجلس الزيتون وزيت الزيتون أشار إلى أهمية التجربة التي قام بها المهندس الزراعي رضوان علي على اشجار الزيتون متسائلاً عن كيفية اعتماد تجاربه من الوزارة دون أن تقوم هيئة البحوث الزراعية بتجارب عديدة ولعدة سنوات وصولاً لاعتماد الأصناف المقاومة أو المتحملة لمرض تبقع عين الطاووس ,وتساءل عن سبب عدم تزويد الوحدات الإرشادية بالمعدات ومستلزمات العمل المختلفة والجرارات ماأبقاها عاجزة عن القيام بالمهام المناطة بها وجعل الهوة كبيرة بينها وبين الفلاحين ..وقال:الزيتون وانتاجه أحد أركان اقتصادنا الوطني وعلينا الا نسمح بتدميره كل من موقعه فالفلاح الذي يهتم بأرضه ويعتني بأشجاره يساهم في دعم نفسه ودعم اقتصاد وطنه والزراعة التي توفر مستلزمات الوحدات الإرشادية وتراقب وتتابع عملها تحمي هذه الزراعة وتدعم الاقتصاد الوطني وهكذا بالنسبة لبقية حلقات العملية الانتاجية والتسويقية من البداية وحتى النهاية
مدير الزراعة يرد
المهندس علي يونس مدير زراعة طرطوس وفي معرض الشرح والتوضيح والرد على ماتم طرحه قال :إن التعميم بخصوص تقصير الوحدات الإرشادية في عملها غير وارد وعلينا أن نشخّص المشكلة بشكل دقيق وموضوعي وإلا فإن هناك ظلم لوحداتنا التي تقوم بأعمال ومهام كثيرة رغم امكاناتها الضعيفة ,ومع ذلك لابدّ من تغيير طبيعة الاستهداف وإعادة النظر بعمل كافة الوحدات الإرشادية
وأضاف:عندنا مشكلتان في موضوع زراعة الزيتون الأولى تتمثل في غياب شريحة كبيرة من المواطنين عن أراضيهم من الموسم للموسم والتعامل مع الشجرة وكأنها شجرة حراجية لاتحتاج لتقليم وعناية ,والثانية تتمثل بعدم وجود طرق زراعية كافية يمكن من خلالها الوصول الى كل البساتين وتنفيذ حملات مكافحة وغيرها
وبخصوص الأصناف أكد يونس أنه لاحل للمشكلات الزراعية إلا بالعلم والبحث العلمي لكن عوامل الطقس ليس بيدنا فإذا ارتفعت الحرارة تنعكس على الطبيعة,وإذا زادت الأمطار كثيراً عن معدلاتها تترك آثاراً سلبية ,وإذا استمرت خلال الفترة المقررة لحملة مكافحة مرض تبقع عين الطاووس لايمكن الرش ,كاشفاً أن بعض مناطق المحافظة تجاوزت كميات الهطول فيها ألفي مم وهذا أمر غير مألوف وفوق قدرة التحمّل,وحتى الأصناف التي اعتمدتها الوزارة لتحمل مرض عين الطاووس اعتمدت بناء على الظروف الجوية السائدة سابقاً وليس على الظروف التي شهدها العام الحالي,ففي هذا الظرف تبين أن صنفي العيروني والسكري عندهما اشكالية ,لذلك لابدّ من اجراء بحوث علمية جديدة للوصول إلى اعتماد أصناف متحملة أو مقاومة .
وتابع مدير الزراعة:المساحات المصابة بمرض عين الطاووس لاتنطبق عليها حملات المكافحة العامة مثل القمح كون الزيتون ليس من المحاصيل الاستراتيجية انما الرئيسية لذلك وضعنا كزراعة خطة للقيام بحملة رش بالتعاون مع الفلاحين حيث تقدم الزراعة الجرار والمرش والمحروقات(وهذه تشكل 70% من الكلفة)ويقدم الفلاح المبيد والعامل وأملنا أن نوفق في رش كل المساحات المصابة خلال نيسان وايار ,أما بالنسبة لصنفي السكري والعيروني المتحملين للمرض فقد تم اجراء تجارب عليهما من قبل البحوث الزراعية لمدة 7 سنوات وبعد التأكد من تحملهما أكثر من غيرهما من الأصناف لتبقع عين الطاووس تم اعتمادهما ومن ثم تم ادخالهما في خطة انتاج الغراس كما تم احداث بستان امهات في مشتل عمريت وبدأنا نوزع منه (أطاعيم)والخطة أن نغطي كل المناطق المصابة بالصنفين خلال نحو ثمان سنوات ,مع الاشارة الى ان الظروف الجوية الإستثنائية التي شهدتها محافظتنا هذا الموسم جعلتنا نطالب بالبحث عن أصناف بديلة .
لا للطيران الزراعي
وبخصوص طلب البعض الرش بالطيران الزراعي قال يونس:لايمكن للطيران الرش في أراضينا الجبلية المتداخلة مع البيوت السكنية فهو يمكنه الرش في الاراضي المنبسطة والمكشوفة ومع ذلك يمكن تشكيل لجنة فنية تضم عدداً من المختصين لتقديم المقترح المناسب في هذا المجال
المهندس محمد عبد اللطيف رئيس شعبة الزيتون في المديرية شدد على اهمية وضرورة قيام الفلاحين بكافة عمليات الخدمة لبساتينهم وأشجارهم من تقليم ونزع الطحالب والحراثة غير العميقة لأن ذلك يساهم في تحسين الواقع والإنتاج ويحد من الأمراض
بدوره المهندس حسن حمادي رئيس دائرة الوقاية أكد أن كل فلاح يقوم بالرش بإستخدام الأدوية الجهازية والملامسة سيستفيد بالتعاون مع الزراعة التي وفرت لهذه الحملة 15 جراراً مع سائقيها موزعين على الشكل التالي(طرطوس 4 -صافيتا 2-الشيخ بدر 1-الدريكيش 1-بانياس 1-القدموس 1 -الصفصافة 1 -المشتى 1 -الدريكيش 1 -…)اضافة للمرشات والمحروقات وآلات المكافحة مجاناً ,وتمنى مؤازرة الزراعة من قبل كل الجهات المعنية بالمحافظة لانجاحها
استنفار الجميع
في ضوء كل ماتقدم وفي ضوء الواقع الصعب الذي يعيشه قطاع الزيتون في محافظة طرطوس لابدّ أن يستنفرالجميع(فلاحين-وزارة زراعة -حكومة-أحزاب ومنظمات..)للتصدي للمشكلات بأسبابها ونتائجها ,ومعالجة الأمراض وقاية وعلاجاً,وإحداث نقلة نوعية في هذه الزراعة بدءاً من الغراس المناسبة والمقاومة مروراً بالحقل وخدماته وتقليم أشجاره وتطعيم المصاب منها بأصناف مقاومة لمرض تبقع عين الطاووس وغيره وقطافها ونقل انتاجها وعصره وحفظه استناداً لما تعتمده البحوث العلمية ,وليس انتهاء بالتسويق الداخلي والخارجي للزيت وبما يعود بالخير على المنتج والمستهلك والاقتصاد الوطني..وهذا الاستنفار لايجوز أن يكون ارتجالياً ولا عاطفياً ولا مؤقتاً انما يجب أن يترافق مع وضع خطة عمل وبرنامج تنفيذي وآلية متابعة تضمن الوصول إلى النتائج المطلوبة
هيثم يحيى محمد
التاريخ: الأربعاء 24-4-2019
الرقم: 16963