يقول دانيال بوفي هل يحصل إيمانويل ماكرون على ما يريده اوروبيا، أم ستحقق أنجيلا ميركل ما تبتغيه؟ فبعد ماراثون قمة بروكسل، ومنح بريطانيا تمديدا اضافيا ووقتا اضافيا لخروجها من الاتحاد الأوروبي وذلك حتى 31 تشرين الاول أكتوبر – وهو تاريخ لم يكن يريده أي من زعماء الاتحاد الأوروبي، وبين طلب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تأجيل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ورغبة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في منح بريطانيا عامًا للتفكير مجددًا بدا المشهد الاوروبي واضحا بصراع فرنسي الماني على زعامة الاتحاد الاوروبي، وخاصة عندما قال أحد كبار مسؤولي الاتحاد الأوروبي المنهكين بعد بضع ساعات من النوم : «كل شيء يسير بسلاسة أكبر عندما تكون ألمانيا وفرنسا تتفقان على نفس المنوال، وكان هذا واضحا عندما تم الاتفاق على حل وسط فرنسي ألماني، في بعض القضايا الاوربية المهمة .
لكن التغيير في مؤسسات الاتحاد الأوروبي كان هو المسألة الشائكة التي واجهت القادة الاوربيين، حيث حث دونالد تاسك، رئيس المجلس الأوروبي القادة الاوربيين على اتخاذ قرارات سريعة من اجل مصلحة أوروبا، بينما قال مسؤول آخر بالاتحاد الأوروبي منتقدا تاسك: «ستكون 24 ساعة ديناميكية للغاية». فهناك مجموعة من رئاسيات الاتحاد الأوروبي مهيأة للاستبدال، بما في ذلك استبدال تاسك وجان كلود جونكر، الرئيس السابق للمفوضية الأوروبية، وانتخاب ممثل أعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ورئيس للبنك المركزي الأوروبي والبرلمان، وعلى الرغم من إصرار الكثيرين على أن رؤية الكتلة من خلال منظور محرك فرنسي ألماني ، فشل الاوربيون في إدراك التعقيد والأسس الديمقراطية لعمليات صنع القرار في الاتحاد الأوروبي الحديث، والتداعيات الأخيرة بين باريس وبرلين حول مطالب ماكرون بميزانية منطقة اليورو وأكثر من ذلك بكثير، إنها فرنسا وألمانيا التي يبدو أن المؤسسات تعتمد عليها للحصول على إجابة.
فقبل خمس سنوات، عندما تم اختيار Juncker رئيسا للمفوضية الاوروبية، ويبدو أن معاهدة لشبونة لعام 2009 قد خففت من صلاحيات القادة الوطنيين الاوروبيين في اتخاذ القرارات ما جعل اختيار رئيس اللجنة الاوروبية تبدو معضلة. وكان يونكر مرشحًا لحزب الشعب الأوروبي (يمين الوسط) (EPP) ، وهو ما يسمى بـ Spitkandidaten ، وبمساعدة عصابة من أعضاء البرلمان الأوروبي الذين يميلون إلى الفيدرالية، فاز بونكر ممثلا لحزب الشعب الأوروبي، أما مجموعة الاشتراكيين والديمقراطيين، والمجموعة الليبرالية، المعروفة الآن باسم Renew Europe ، فقد عززت دورها الاوروبي، إلى حد كبير بسبب العرض القوي لحزب En Marche من Macron والديمقراطيين الليبراليين البريطانيين، وظهر الخضر كقوة كبيرة. وكانت الصعوبة التي تواجهها تلك الأطراف هو في الالتفاف حول برنامج مشترك وقف عائقًا أمام التوصل إلى اتفاق بشأن من يعتقدون أنه يجب أن يخلف يونكر، ومحاولات تاسك ثنائية المسار لإيجاد حل وسط، من خلال مطالبة ستة رؤساء وزراء يمثلون الأحزاب الرئيسية الثلاثة بإجراء محادثات، يبدو أنها فشلت في إيجاد حلول. وقال عضو من مجموعة أوراسيا الاستشارية: «لذا فإن الطريقة الوحيدة للتوصل إلى اتفاق هي أن الفرنسيين والألمان يقرعون رؤوسهم معًا».
وكان ماكرون صريحا في رفض ويبر ، الذي ليس لديه خبرة حكومية، حيث نظر إلى موقف الرئيس على أنه جزء من محاولة أكبر لكسر الحظر الذي يتمتع به حزب الشعب الأوروبي على المؤسسات الرئيسية في الاتحاد الأوروبي ، حيث يشغل أعضاؤه جميع المناصب العليا في الاتحاد الاوروبي ما دفع Margrethe Vestager ، مرشح Renew Europe يقول بأن «العلاقة الفرنسية الألمانية لم تبحر منذ فترة طويلة ، لذا فليس من المفاجئ أن يتصادم القادة حول بعض المسائل الاوروبية، ووافق الاتحاد الأوروبي على المضي قدما في المحادثات مع لندن بشأن خروج بريطانيا من التكتل فيما تحسنت صلات قادته برئيسة الوزراء البريطانية لكن الغموض لا يزال محيطا بالتجارة وكذلك بعض القضايا التي نوقشت بالفعل وفي اليوم الثاني من قمة في بروكسل.
وقال قادة الاتحاد إن «تقدما كافيا» تحقق بعد الاتفاق على حقوق المواطنين والحدود الأيرلندية والمتأخرات المستحقة على بريطانيا مما منح تفويضا للانتقال للمرحلة الأساسية من المحادثات وقال رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الذي يرأس القمة على «قادة الاتحاد الأوروبي الموافقة على الانتقال للمرحلة الثانية من محادثات خروج بريطانيا.
ومن المقرر أن تبدأ المناقشات حول الفترة الانتقالية لخروج بريطانيا من التكتل لتهدئة مخاوف قطاع الأعمال بداية العام المقبل إلا أن المحادثات الخاصة بإبرام اتفاق مستقبلي للتجارة الحرة لن تبدأ قبل مارس آذار العام المقبل وهو الموعد الذي ورد في «إرشادات عامة» تحدد كيفية التعامل مع بريطانيا مع سعيها للخروج بعد عضوية دامت 40 عاما، وردت ماي بتوجيه الشكر لتوسك ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. وقالت «اليوم خطونا خطوة مهمة على طريق التوصل لخروج سلس ومنظم وترسيخ شراكتنا المستقبلية العميقة والخاصة». وأضافت «سننفذ إرادة الشعب البريطاني ونحصل على أفضل اتفاق للخروج من الاتحاد الأوروبي لبلدنا بتأمين أكبر استفادة ممكنة من الأسواق الأوروبية وتعزيز التجارة الحرة مع دول في أنحاء العالم والتحكم في حدودنا وقوانيننا ونقودنا». إلا أن المناقشات التي ستدور بشأن الشراكة المستقبلية ستكون صعبة حسبما حذر قادة أوروبيون من بينهم يونكر ورئيس الوزراء الإيطالي. وعلى الرغم من أن المستشارة الألمانية انجيلا ميركل وافقت أيضا على الخطوة إلا أنها حذرت من نفاد الوقت. وقالت «هناك الكثير من المشكلات التي لا تزال بحاجة إلى حل. والوقت مهم للغاية». ويقول دونالد تاسك، رئيس المجلس الأوروبي: «حان الوقت الآن للاستعدادات الداخلية ضمن الدول الأعضاء السبع والعشرين واتخاذ خطوات على طريق الاتصال بالمملكة المتحدة من اجل الحصول على مزيد من الوضوح بشان استراتيجية بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الاوروبي.
The Guardian
ترجمة غادة سلامة
التاريخ: الأربعاء 26-6-2019
رقم العدد : 17009