رغم الصعوبة البالغة في خلق المعادل الفني وفق هذه الآلية الراقصة، فقد استطاع الفنانون العبور إلى مشهد مسرحي أخاذ، دمج بين أصعب الحالات والمقولات تعبيراً، وعالم الحركة التي كانت هنا وجهاً آخر لأعقد العلاقات الحياتية والاجتماعية… وقد تمكن العرض بأدواته الخاصة وحلوله الفنية من نقل نص مسرحي يترجم ويلخص تواريخ وعوالم وبيئات مختلفة، اعتدنا على رؤيته معتمداً على الحوار المسرحي والكلمة، إنه نص الملك هو الملك للكاتب سعد الله ونوس، وقد حول إلى العرض (متنكرون) كعرض تخرج لطالب السينوغرافيا سعيد زمزم.. هنا تصدى المبدعون الطلبة لنقل نص صعب الميراث من خلال عالم آخر جديد, عالم الرقص التعبيري، ونجحوا في انتزاع الإعجاب في أكثر من سياق… في مجال السينوغرافيا ل سعيد زمزم، وتصميم الرقصات ل الكريوغراف نورس عثمان، والأداء الحركي الراقص لطلبة قسم الرقص في المعهد العالي للفنون المسرحية..
صور العرض الراقص «متنكرون» تفاصيله الغنية على مدى مسيرة العمل عبر أداء جسدي، أبدع في فضاء خاص، لينطق رقصا بأصعب المقولات حوارا عبر المشاهد الفنية الراقصة، التي تتابعت لنسج مشهد فني أخاذ، تم استثمار مفردات إبداعية، لخلق المعادل الفني لذلك العالم الاجتماعي المعقد العلاقات كما الصيرورة المتصاعدة، التي رأيناها هنا بلغة أخرى، فصيحة أيضا رغم غياب الكلمة، إذ جسدتها الحركة الراقصة بكل مهارة وإتقان، فنقل العرض.. كيف هؤلاء الناس يعيشون المعاناة، و لم يتمكنوا من الخلاص رغم تغيير أكثر من ملك، فالملك دائما يستلب حريتهم، ويستعبد حياتهم، يحرمهم من الحياة الكريمة دوما، واحدا تلو الآخر..
جمالية العرض (متنكرون) بكونه استطاع أن ينقل أصعب الحالات الإنسانية وأعقدها وفق أداء جسدي وإيماءات لها مدلولاتها، وقد وصل إلى هذه الحالة الصعبة، متميزا في إطار من الحركات والتلون مع تلك التغيرات والعوامل المختلفة المتجددة، حيث يراد التعبير عن عوالمها، وقد ساهمت العناصر المسرحية الأخرى بدءاً من الألوان إلى الديكور وغيرها على خلق إيحاءات كثيرة، بلورت مؤشراتها بدقة, واختصرت الحوارات بمدلولاتها الذكية.
آنا عزيز الخضر
التاريخ: الخميس 11-7-2019
رقم العدد : 17021