خســـــائر بالجملــــــة.. هذا مـــــا جنتــــــه الإمـــــارات مــــــن حـــــرب اليمـــــن

وأخيراً تلقت الإمارات العربية المتحدة الدرس الذي لم تستوعبه واشنطن بعد، ومفاده: أن التدخلات العسكرية لتحقيق أهداف مبهمة بالاعتماد على حلفاء ليسوا أهلاً للثقة ودون وجود استراتيجية للخروج محكوم عليها بالإخفاق حتماً.
من المسلم به أن مثل تلك التدخلات تستنزف أرواح ومدخرات أي أمة، كما وأنها ستفضي إلى تداعيات لا تحمد عقباها، ولهذا السبب، نجد الإمارات وبعد مضي سنوات أربع من الحرب، تقرر سحب أعداد كبيرة من قواتها من اليمن، وبينت أنها في الوقت الحاضر ستنهج نحو اتباع (استراتيجية السلام أولاً) عوضاً عن استراتيجية (التدخل العسكري).
سلطت وسائل الإعلام الأميركية الأضواء على نبأ الانسحاب الإماراتي من اليمن بمساعدة من مراكز الفكر المؤيدة لها في واشنطن. وأشارت إلى تخلي الإمارات عن سياسة (إتمام المهمة)، إلا أننا نرى أنها لم تخرج لثقتها بالفوز بل لأن قيادتها تفهمت تعذر تحقيق هذا الأمر.
أشار وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس للإمارات بعبارة (ليتل سبارتا) لكونها تملك قوات عسكرية تتمتع بكفاءة وقدرة تفوق حليفها الرئيس في حرب اليمن والمتمثل بالسعودية، ومع ذلك، فقد فشلت الإمارات ووكلاؤها في إلحاق الهزيمة باليمن، لكن على الرغم من تحقيقها بعض المكاسب ضد فصيل القاعدة فيه، إلا أن ذلك لا يتناسب مع الإخفاقات التي أنفقت لها عشرات المليارات من الدولارات لتسليح وتدريب مختلف الميليشيات المتعاونة معها في هذا البلد.
في الحين الذي تدعي به دولة الامارات أن التغير الحاصل في استراتيجيتها قد جاء نتيجة ثقتها بعدم جدوى المشاركة، نجد ثمة أسباباً أخرى لهذا التغيير، أهمها ان القوات الإماراتية المسلحة قليلة العدد وتعتمد على المرتزقة من المتطوعين الجنود إلى صف الضباط. وقد أدى تورط البلد في الحرب إلى إنهاك قواتها المسلحة وجعلت قدرتها محدودة في حال نشوب نزاع محتمل مع دولة إيران.
ويضاف إلى ذلك، فإن الحرب في اليمن كلفت الإمارات مليارات الدولارات في الوقت الذي أصبح به اقتصادها يعاصر نمواً بطيئاً. فضلاً عن الحساسية التي بدأت تشعر بها نتيجة الإدانة الدولية للحرب في اليمن الذي أصبح بلداً يعيش أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم بأسره.
على مدى السنوات الأربع الماضية، اعتمدت الإمارات والسعودية على مجموعة من الميليشيات والفصائل التي تحارب في اليمن، لسد الثغرة في قلة أعداد الجيش السعودي، اعتمدت الرياض على قوات وكيلة ومرتزقة أكثر من أبو ظبي، لكن اولئك الوكلاء قد اتسموا بشكل عام بعدم الموثوقية، إذ إن معظمهم يولي اهتماماً لتحصيل الأموال من أيدي داعميهم أكثر من اهتمامهم بالقتال وتحقيق النصر.
يقول الباحث في الشؤون اليمنية في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن الدكتور غابرييل فوم بروك: (تسعى القوات الوكيلة التي تدعمها الإمارات والسعودية للحصول على الأموال أكثر من القتال. وربما تآمر البعض منهم على مموليهم).
ومع ذلك، فإن تلك الفصائل تشعر بالسعادة الغامرة عندما تحصل على الأموال والأسلحة من الإمارات والسعودية اللتان لم تبخلا بتقديم الأسلحة بملايين الدولارات إلى الميليشيات المشبوهة وقوات الأمن التي تبيعها إلى جهات أخرى في اليمن من أمثال القاعدة وغيرها في شبه الجزيرة العربية.
ويعود قرار الانسحاب إلى حاكم الإمارات الفعلي، ولي العهد محمد بن زايد الذي أدرك وحكومته عقم التدخل العسكري ومخاطر استمراره في حرب اليمن المتشعبة، وإزاء ذلك، قررت الإمارات وقف خسائرها واتباع نهج سياسي جديد أكثر براغماتية.
وبدلاً من مساعدة السعودية في استراتيجيتها العدوانية ذات الخطورة العالية التي تعود بنتائج عكسية وتداعيات خطيرة، يبدو أن الإمارات قد أدركت ضرورة تغيير سياستها على غرار قطر وعمان. إذ سبق لقطر أن كانت عضواً في التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وعندما أصبحت هدفاً للسياسات السعودية والإماراتية العدوانية عمدت إلى سحب دعمها، أما عمان فقد أيدت إنهاء هذه الحرب.
ولولا التدخل العسكري للقوى الخارجية لكان من المرجح أن تتفق الفصائل المتناحرة على عقد سلام أكثر شمولية وقابل للاستمرار، ولا سيما أن الفصائل والأحزاب السياسية في هذا البلد لها تاريخ طويل في عقد التسويات ووقف التصعيد، وذلك على غرار الحرب الأهلية في شمال اليمن بين عامي 1962 و1970 والتي لم تنته حتى توقفت مصر والسعودية عن تدخلهما في شؤون هذا البلد.
قد يكون تغيير السياسة الإماراتية بداية لنهاية الحروب في اليمن، لكن ذلك لا يعني أن اليمن سينعم بالسلم والوحدة في المستقبل القريب، ومع ذلك، فإن انسحاب أبو ظبي التي تعتبر عضواً ذا قدرة وكفاء في التحالف الذي ينضوي تحت القيادة السعودية سيفرض على الرياض إعادة تقييم استراتيجيتها الفاشلة، إلا في حال تمكن الحاكم الفعلي للسعودية وولي عهدها محمد بن سلمان من إقناع إدارة ترامب بتأدية واشنطن لدور أكبر في الحرب بهدف تعويض غياب الإمارات، وذلك في ضوء كون الولايات المتحدة تتبنى على نحو مستمر سياسة خارجية قائمة على دعم ومؤازرة الحروب الدائمة، بيد أن ذلك يبقى في إطار الاحتمال نظراً لما يكتنفه من مخاطر.
The American Conservative

 

ترجمة: ليندا سكوتي
التاريخ: الثلاثاء 20-8-2019
الرقم: 17051

 

 

 

آخر الأخبار
حرائق اللاذقية الأكبر على مستوى سوريا... والرياح تزيد من صعوبة المواجهة تحذير من خطر الحيوانات البرية الهاربة من النيران في ريف اللاذقية مدير المنطقة الشمالية باللاذقية: الحرائق أتت على أكثر من 10 آلاف هكتار عودة جهاز الطبقي المحوري إلى الخدمة بمستشفى حمص الوطني الشيباني يبحث مع وفد أوروبي تداعيات الحرائق في سوريا وقضايا أخرى تعزيز دور  الإشراف الهندسي في المدينة الصناعية بحسياء وحدة الأوفياء.. مشهد تلاحم السوريين في وجه النار والضرر وزير الصحة يتفقد المشفى  الوطني بطرطوس : بوصلتنا  صحة المواطن  الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش بريف دمشق  تعقد أولى اجتماعاتها  لأول مرة باخرة حاويات كبيرة تؤم مرفأ طرطوس  فروغ المحال التجارية والبحث عن العدالة.. متى ظهرت مشكلة الإيجار القديم أو الفروغ في سوريا؟ وزارة الإعلام تنفي أي لقاءات بين الشرع ومسؤولين إسرائيليين معرض الأشغال اليدوية يفرد فنونه التراثية في صالة الرواق بالسلميّة تأهيل شبكات التوتر المتوسط في ريف القنيطرة الشمالي مُهَدّدة بالإغلاق.. أكثر من 3000 ورشة ومئات معامل صناعة الأحذية في حلب 1000 سلة غذائية من مركز الملك سلمان للإغاثة لمتضرري الحرائق بمشاركة 143 شركة و14 دولة.. معرض عالم الجمال غداً على أرض مدينة المعارض مناهج دراسية جديدة للعام الدراسي القادم منظمة "بلا حدود" تبحث احتياجات صحة درعا "18 آذار" بدرعا تدعم فرق الدفاع المدني الذين يكافحون الحرائق