الملحق الثقافي:عقبة زيدان
يصر أفلاطون على ثبات موضوع المعرفة، إذ إن المعرفة لديه ليست موجودة إذا كان كل شيء يتغير، والواقع الحقيقي بعيد عن كل تغير. أما العالم المحسوس فليس عالم العلة الحقيقية، كما أنه ليس عالم الواقع الحقيقي، ولا شيء ناجعاً فيه نجوعاً حقيقياً.
هذا الكلام لا يصدر إلا عن زاهد يحتقر موجودات العالم ومغرياته، لدرجة أنه لا يرى لها وجوداً حقيقياً. والحال هذه، فإن من يصدر عنه هذا الكلام، لا يجب أن يخترع جمهورية، فيها قبح ولاأخلاق. وإذا كان الجوهر واحد لا يتغير، فلماذا قسم أفلاطون إمبراطوريته إلى سادة وعبيد وحكماء ومحكومين وحملة سلاح؟ أليس الجميع يرجعون إلى ماهية واحدة؟ أم أن هناك ماهيات كثيرة؟ وهذا طبعاً يخالف كلام أفلاطون في أن الماهية بسيطة والأشياء المحسوسة مركبة.
أعلنت الحكمة الأفلاطونية تحييد الإنسان ككائن فاعل، وعزت كل شيء علمي ورياضي إلى مرحلة ما قبل ميلادنا. ولكن هذا الفيلسوف لم يستطع أن يخبرنا عن خصائص عالمه المثالي وكيف يفكر، رغم أنه حشد فيه كل ما يميز الإنسان كقوة عاقلة وكجسد. إذاً، كيف يمكن لحكيم يوناني أن ينسب كل الفضائل والعظائم الإنسانية لعالم لم يره ولا يدرك ما فيه؟
تتفاقم التناقضات في فلسفة أفلاطون، وفي الوقت نفسه تتألق فلسفته عالياً في التاريخ البشري، كعلامة مميزة لا يدانيها أحد. إلا أن أخذ الفلسفة الأفلاطونية ككتلة واحدة، أضرّ الفلسفة، وأهدر كثيراً من الوقت الذي كان يجب أن يصرف على نقدها. فالنقد هو معيار التفكير والمنطق
التاريخ: الثلاثاء3-9-2019
رقم العدد : 963
.