هكذا تخلى ترامب عن أدواته

 

يبدو أن الحروب التي عصفت في جزء واسع من منطقة الشرق الأوسط على مدى الأربعين سنة الفائتة قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من نهايتها ليحل محلها نمط جديد من النزاعات المتمثلة بالاحتجاجات الشعبية التي تسعى إلى الإطاحة بالنخب الحاكمة .
وبات من المعلوم المنتصرون والمهزومون في لبنان كما أصبح واضحا في العراق بعد استعادة الموصل وإلحاق الهزيمة بداعش عام 2017. كما بدا بوضوح من هو الفائز ومن هو الخاسر في الحرب على سورية ولاسيما في الشهر الماضي إثر تمكن القوات السورية إلى جانب روسيا وإيران من السيطرة على كامل البلاد.
ولقد حاول الأكراد في العراق وسورية إنشاء كيانات ودويلات جراء ما تعرضت له الحكومتين المركزيتين في بغداد ودمشق من هجمات شنتها داعش. لكن هذين الكيانين لم يكتب لهما البقاء بعد هزيمة خلافة داعش، إذ تعرض الأكراد في العراق إلى خسارة محافظة كركوك النفطية أمام الجيش العراقي عام 2017، كما أن مايسمى «روج أفا» بقي مجرد حلم كردي في سورية التي لاتقبل القسمة والتقسيم بحكم شعبها وقيادتها، والسبب الآخر في فشل المشروع الكردي في سورية هو سحب دونالد ترامب الحماية العسكرية الأميركية له. وفي مختلف الأحوال، فإن مصير الأكراد كان واضحا منذ البداية بأنه سيكون مصيرا مأساويا. إذ بعد الهزيمة التي منيت بها داعش خلال محاصرة الرقة عام 2017 كان يتعذر على الولايات المتحدة الحفاظ على دويلة للأكراد.
ومن الواضح أن القادة الأكراد قد أدركوا ذلك الواقع الذي بدا من خلال الاتهامات بالخيانة الأميركية، لكنهم لم يكن لديهم من خيار سوى الالتفاف طلبا للحماية من قبل القوات السورية التي لن تسمح بوجود دولة كردية شبه مستقلة.
تكمن المشكلة في شرح التطورات القائمة في منطقة الشرق الأوسط على مدى السنوات الثلاث المنصرمة في قيام مؤسسة السياسة الخارجية الأميركية التي تحظى بدعم وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية بإلقاء اللوم لجهة التطورات السلبية على دونالد ترامب. إذ أن تخليه المباغت والساخر عن الأكراد ليتركهم أمام تركيا ربما ضاعف مشكلاتهم، لكن ما من شك بأن إخراج القوات العسكرية الأميركية من شرق سورية كان أمرا معقولا لكون وجودها لا يتلائم مع أربع معارضين خطيرين وحازمين وهم: سورية وإيران وروسيا وتركيا.
في الوقت الراهن ستتولى القوات الحكومية السورية والروسية مهمة مراقبة الحدود السورية-التركية والإشراف على انسحاب مجموعات قسد 21 ميلا إلى الجنوب. بالإضافة إلى ذلك، برزت نقطة حاسمة خلال الاجتماع الذي عقد بين فلادمير بوتين ورجب طيب اروغان في سوتشي إذ سيتجه الأتراك إلى الاعتراف بحماية القوات السورية التي تحظى بالدعم الروسي لحدودها الجنوبية لذلك فإنه من غير المحتمل أن تصمد تركيا في وقف الهجوم الذي تشنه القوات السورية-الروسية لاستعادة المعقل الأخير للارهابيين في إدلب.
لا ريب بأن ما جرى في العراق وسورية ولبنان كان نتيجة عمالة كتل محلية لدول خارجية تتبع مصالحها عملت على تسليحهم وتمويلهم. وعلى المدى القريب نعتقد بأنه ليس ثمة مصلحة خارجية في إثارة الاستفزازات في الجزء الشمالي من الشرق الأوسط، الذي يشهد حربا منذ 44 عاما، وبذلك فثمة فرصة قائمة لتحقيق سلام دائم في المنطقة برمتها.
The Independent
بقلم: باتريك كوكبيرن
ترجمة: ليندا سكوتي

التاريخ: الثلاثاء 5 – 11-2019
رقم العدد : 17115

 

آخر الأخبار
سورية وإندونيسيا.. شراكة رياضية تنطلق بثقة تعاون مع اليابان في مجالي الإنذار المبكر والرصد الزلزالي مهرجان التحرير الأول يضيء سماء طرطوس.. وعروض فنية ورياضية مبهرة  عودة أكثر من 120 أسرة إلى قرية ديمو بريف حماة الغربي ضوابط القيد والقبول في الصف الأول الثانوي للعام الدراسي القادم نضال الشعار  .. الوزير الذي ربط الجامعات بالوزارات؛ والناس بالاقتصاد   "عمال درعا".. يطالب بتثبيت العمال المؤقتين وإعادة المفصولين  عناية مميزة بقطاع الخيول في حلب الشيباني: العلاقة مع كرواتيا ستكون متعددة الجوانب.. غرليتش رادمان: ندعم استقرار سوريا "ساهم".. تعزيز ثقافة الحفاظ على البيئة في إعزاز  طرطوس تكرّم متفوقيها في الشهادتين  بنزين ومازوت سوريا.. ضعف العالمي وأغلى من دول الجوار  نائب أميركي: حكومة نتنياهو "خرجت عن السيطرة" بعد هجوم الدوحة السعودية:الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا انتهاك للقانون الدولي "أهلاً يا مدرستي".. تهيئة الأطفال للعام الدراسي مباحثات استثمارية بين سوريا وغرفة التجارة الأميركية "المعلم المبدع".. في درعا إدانات دولية متصاعدة للعدوان الإسرائيلي على قطر: تهديد للأمن الإقليمي "الشمول المالي الرقمي".. شراكة المصارف والتكنولوجيا من أجل اقتصاد واعد الشيباني يستقبل وزير الخارجية الكرواتي