الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
ببساطة، وبهدوء، ألقت فرجينيا وولف نفسها في النهر بعد أن ملأت جيوبها بالحجارة، فماتت. وبالبساطة نفسها، جلب همنغواي بندقيته المفضلة وأطلق النار على رأسه. لقد فضل الاثنان الموت انتحاراً على أن يعيشا في هواجس مرعبة.
هل كان الانتحار حلاً لهما، وفرصة للتخلص من الحياة؟ لماذا تزايدت حالات انتحار الأدباء؟
المدهش أن الكاتبة آن سيكستون، عندما سمعت خبر انتحار همنغواي، أثنت عليه لجرأته في اختيار الموت على هذه الحياة، وقالت «هذا أفضل بالنسبة إليه». ولكنها، حين انتحرت صديقتها سيلفيا بلاث، أصابها الرعب والخوف الشديد، وحزنت لأنها هي من كان عليها الانتحار. وفعلاً أقدمت على الانتحار في مرآب بيتها.
الأدباء يزرعون الجمال في كل مكان، ويقاومون الموت في رواياتهم وأشعارهم، ولكنهم في دواخلهم أناس مكتئبون ومملوءون بالرعب.
لقد كتب همنغواي عملاً رائعاً «الشيخ والبحر»، وتوّج هذا العمل على أنه أيقونة في مواجهة الفشل، والإصرار على قيمة الحياة. ولكن الحياة أبشع من أن يتحملها شخص بحساسية همنغواي.
يعلن نيتشه أن الحياة عبارة عن عطاء، وحين ينفد هذا العطاء، فإن الإنسان يشعر بحاجة ملحة إلى الموت. وهذا الموت يجب أن يكون اختيارياً ومزاجياً.
لا تبدو فكرة نيتشه عن الموت صائبة، على الأقل بالنسبة إلى همنغواي وفرجينيا وولف؛ فهما وصلا إلى مراتب عالية أثناء حياتيهما، ونالا كثيراً من الجوائز. ولكن فكرة فرانز كافكا ربما تكون أقرب، حيث قال: «أولى علامات بداية الفهم، هي أن ترغب في الموت».
Okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء10-3-2020
رقم العدد : 990